الجمعة، 29 مارس 2013

إيضاح البيان لأسرار القرآن عن ماقيل لمكان الجنة والنار


 ماذا قيل عن مكان الجنة  والنار




في كتاب التخويف من النار ج1  ص 45 :
- روى عطية عن ابن عباس قال الجنة في السماء السابعة ويجعلها الله حيث يشاء يوم القيامة وجهنم في الأرض السابعة خرجه أبو نعيم وخرج ابن مندة من حديث أبي يحيى القتات عن مجاهد قال قلت لابن عباس أين الجنة قال فوق سبع سموات قلت فأين النار قال تحت سبع أبحر مطبقة .
- وروى البيهقي باسناد فيه ضعف عن أبي الذعراء عن ابن مسعود قال الجنة في السماء السابعة العليا والنار في الأرض السابعة السفلى ثم قرأ إن كتاب الأبرار لفي عليين المطففين 81 و إن كتاب الفجار لفي سجين المطففين 7 وخرجه ابن مندة وعنده، فإذا كان يوم القيامة جعلها الله حيث شاء وقال محمد بن عبدالله بن أبي يعقوب عن بشر بن شغاف عن عبدالله ابن سلام قال إن الجنة في السماء وإن النار في الأرض خرجه ابن خزيمة وابن أبي الدنيا وروى ابن أبي الدنيا باسناده عن قتادة قال كانوا يقولون إن الجنة في السموات السبع وإن جهنم لفي الأرضين السبع وروى ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وفي السماء رزقكم وما توعدون الذاريات 22 قال الجنة في السماء وقد استدل بعضهم لهذا بأن الله تعالى أخبر أن الكفار يعرضون على النار غدوا وعشيا يعني في مدة البزرخ وأخبر أنه لا تفتح لهم أبواب السماء فدل على أن النار في الأرض وقال تعالى كلا إن كتاب الفجار لفي سجين المطففين 7 وفي حديث البراء بن عازب عن النبي (ص):في صفة قبض الروح قال في روح الكافر حتى ينتهوا بها إلى السماء الدنيا فيستفتحون فلا يفتح له ثم قرأ رسول الله (ص): لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط الأعراف ، قال يقول الله تعالى اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى قال فتطرح روحه طرحا خرجه الامام أحمد وغيره وعن أبي هريرة عن النبي (ص): في صفة قبض الروح وقال في روح الكافر فتخرج كأنتن ريح جيفة فينطلقون به إلى باب الأرض فيقولون ما أنتن هذه الريح كلما أتوا على أرض قالوا ذلك حتى يأتوا به إلى أرواح الكفار خرجه ابن حبان والحاكم وغيرهما وقال عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أرواح الكفار في الأرض السابعة فصل البحار تسجر يوم القيامة.
-وروى الإمام أحمد باسناد فيه نظر عن يعلى بن أمية عن النبي (ص)قال البحر هو جهنمفقالوا ليعلى قال ألا ترون أن الله عز وجل يقول نارا أحاط بهم سرادقها الكهف 92 لا والذي نفس يعلى بيده لا أدخلها أبدا حتى أعرض على الله عز وجل ولا يصيبني منها قطرة حتى ألقى الله عز وجل وهذا إن ثبت فالمراد به أن البحار تفجر يوم القيامة فتصير بحرا واحدا ثم تسجر ويوقد عليها فتصير نارا وتزاد في نار جهنم وقد فسر غير واحد من السلف قوله تعالى وإذا البحار سجرت التكوير بنحو هذا وروي المبارك بن فضالة عن كثير أبي محمد عن ابن عباس قال تسجر حتى تصير نارا وروى مجاهد عن شيخ من بجيلة عن ابن عباس وإذا البحار سجرت قال تكور الشمس والقمر والنجوم في البحر فيبعث الله عليها ريحا دبورا فتنفخه حتى يرجع ناراخرجه ابن أبي الدنيا وابن أبي حاتم وخرج ابن أبي الدنيا وابن أبي حاتم أيضا من طريق مجالد عن الشعبي عن ابن عباس في قوله تعالى وإن جهنم لمحيطة بالكافرين التوبة 94
قال هو هذا البحر تنتثر الكواكب فيه وتكور الشمس والقمر فيكون هو جهنم .
-وروى ابن جرير باسناده عن سعيد بن المسيب عن علي أنه قال رجل من اليهود أين جهنم قال البحر قال علي ما أراه إلا صادقا قال تعالى والبحر المسجور الطور وإذا البحار سجرت التكوير ورواه آدم بن أبي إياس في تفسيره عن حماد بن سلمة عن داود بن أبي هند عن سعيد بن المسيب قال قال علي ليهودي أين جهنم قال تحت البحر قال علي صدق ثم قرأ وإذا البحار سجرت وخرجه في مواضع أخر منه وفيه ثم قرأ والبحر المسجور وخرج ابن أبي حاتم باسناده عن أبي العالية عن أبي بن كعب وإذا البحار سجرت التكوير 6 قال قالت الجن للإنس نأتيكم بالخبر فانطلقوا إلى البحر فإذا هو نار تأجج وعن ابن لهيعة عن أبي قبيل قال إن البحر الأخضر هو جهنم .
-وروى أبو نعيم باسناده عن كعب في قوله تعالى"يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات" ابراهيم 84 قال تبدل السموات فتصير جنانا وتبدل الأرض فيصير مكان البحر النار وقد سبق عن ابن عباس أنه قال النار تحت سبعة أبحر مطبقة وروي عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما أنه قال لا يتوضأ بماء البحر لأنه طبق جهنم وكذا قال سعيد بن أبي الحسن أخو البصري البحر طبق جهنم وفي سنن أبي داود عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي(ص): قال لا يركب البحر إلا حاج أو معتمر أو غاز في سبيل الله فان تحت البحر نارا وتحت النار بحرا وخرج ابن أبي حاتم باسناده عن معاوية بن سعيد قال إن هذا البحر يعني بحر الروم وسط الأرض والأنهار كلها تصب فيه والبحر الكبير يصب فيه وأسفه آبار كله مطبقة بالنحاس فإذا كان يوم القيامة أسجر وذكر ابن أبي الدنيا عن العباس بن يزيد البحراني قال سمعت الوليد بن هشام وقلت له عمن أخذت هذا قال عن رجل من أهل الكتاب أسلم فحسن إسلامه قال لما التقم الحوت يونس عليه السلام جال به الأبحر السبعة فلما كان آخر ذلك انتهى به الحوت إلى قعر البحر موضع يلي قعر جهنم فسبح يونس في بطن الحوت فسمع قارون تسبيحه وهو في النار وذكر بقية الخبر وروى قيس بن الربيع عن عبيد المكتب .
-عن مجاهد عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي (ص): إن جهنم محيطة بالدنيا وإن الجنة من ورائه فلذلك كان الصراط على جهنم طريقا إلى الجنة غريب منكر وقد روي عن بعضهم ما يدل على أن النار في السماء وروي مجاهد قال في قوله تعالى وفي السماء رزقكم وما توعدون الذاريات 22 قال الجنة والنار وكذا قال جويبر عن الضحاك وروى عاصم عن زر عن حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أوتيت بالبراق فلم نزايل طرفه أنا وجبريل حتى أتينا بيت المقدس وفتحت لنا أبواب السماء ورأيت الجنة والنار خرجه الامام أحمد وغيره قال في رواية المروذي وفي حديث حذيفة أن النبي(ص): قال رأيت ليلة أسري بي الجنة والنار في السماء فقرأت هذه الآية وفي السماء رزقكم وما توعدون فكأني لم أقرأها وهو تصديق لما قاله حذيفة نقله عنه الخلال في كتاب السنة وهذا اللفظ الذي احتج به الإمام أحمد لم نقف عليه بعد في حديثه وإنما روي عنه ما تقدم وروي عن حذيفة أنه قال والله ما زايل البراق حتى فتحت لهما أبواب السماء ورأيا الجنة والنار ووعد الله الآخرة أجمع ولم يرفعه وهذا كله ليس بصريح في أنه رأى النار في السماء كما لا يخفى وأيضا فعلى تقدير صحة ذلك اللفظ لا يدل على أن النار في السماء وإنما يدل على أنه رآها وهو في السماء والميت يرى في قبره الجنة والنار وليست الجنة في الأرض وقد رأى النبي (ص): في صلاة الكسوف الجنة والنار وهو في الأرض وكذلك في بعض طرق حديث الإسراء حديث أبي هريرة أنه مر على أرض الجنة والنار في مسيره إلى بيت المقدس ولم يدل شيء من ذلك على أن الجنة في الأرض فحديث حذيفة إن ثبت أنه رأى الجنة والنار في السماء فالسماء ظرف للرؤية لا للمرئي والله أعلم وفي حديث أبي هارون العبدي وهو ضعيف جدا عن أبي سعيد الخدري في صفة الإسراء أنه (ص)رأى الجنة والنار فوق السموات ولو صح لحمل على ما ذكرناه أيضا وقد روي القاضي أبو يعلى باسناد جيد عن أبي بكر المروذي أن الإمام أحمد فسر له من القرآن آيات متعددة فكان مما فسره له قوله تعالى وإذا البحار سجرت قال أطباق النيران والبحر المسجور قال جهنم وهذا يدل على أن النار في الأرض بخلاف ما رواه الخلال عن المروذي والله أعلم وأما المروي عن مجاهد فقد تأوله بعضهم على أن المراد أن أعمال الجنة والنار مقدرة في السماء من الخير والشر وقد صرح بذلك مجاهد في رواية أخرى عنه وقد وردفي بعض طرق حديث الإسراء أنه (ص): رأى جهنم في طريقه إلى بيت المقدس وروي عن عبادة بن الصامت أنه ووقف على سور بيت المقدس الشرقي يبكي وقال ها هنا أخبرنا رسول الله (ص): أنه رأى جهنم .. إنتهى كلامه.
الخلاصة:- في صحيح البخاري قال :
" حَدَّثَنِي عَبْدُاللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَزْهَرُ السَّمَّانُ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ قَالَ كُنْتُ جَالِسًا فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ فَدَخَلَ رَجُلٌ عَلَى وَجْهِهِ أَثَرُ الْخُشُوعِ فَقَالُوا هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ تَجَوَّزَ فِيهِمَا ثُمَّ خَرَجَ وَتَبِعْتُهُ فَقُلْتُ إِنَّكَ حِينَ دَخَلْتَ الْمَسْجِدَ قَالُوا هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ قَالَ وَاللَّهِ مَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ مَا لَا يَعْلَمُ وَسَأُحَدِّثُكَ لِمَ ذَاكَ رَأَيْتُ رُؤْيَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَصَصْتُهَا عَلَيْهِ.
" وَرَأَيْتُ كَأَنِّي فِي رَوْضَةٍ ذَكَرَ مِنْ سَعَتِهَا وَخُضْرَتِهَا وَسْطَهَا عَمُودٌ مِنْ حَدِيدٍ أَسْفَلُهُ فِي الْأَرْضِ وَأَعْلَاهُ فِي السَّمَاءِ فِي أَعْلَاهُ عُرْوَةٌ فَقِيلَ لِي ارْقَ ، قُلْتُ لَا أَسْتَطِيعُ فَأَتَانِي مِنْصَفٌ فَرَفَعَ ثِيَابِي مِنْ خَلْفِي فَرَقِيتُ حَتَّى كُنْتُ فِي أَعْلَاهَا فَأَخَذْتُ بِالْعُرْوَةِ فَقِيلَ لَهُ اسْتَمْسِكْ فَاسْتَيْقَظْتُ وَإِنَّهَا لَفِي يَدِي فَقَصَصْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
" تِلْكَ الرَّوْضَةُ الْإِسْلَامُ وَذَلِكَ الْعَمُودُ عَمُودُ الْإِسْلَامِ وَتِلْكَ الْعُرْوَةُ عُرْوَةُ الْوُثْقَى فَأَنْتَ عَلَى الْإِسْلَامِ حَتَّى تَمُوتَ وَذَاكَ الرَّجُلُ عَبْدُاللَّهِ بْنُ سَلَامٍ و قَالَ لِي خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا مُعَاذٌ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ عُبَادٍ عَنِ ابْنِ سَلَامٍ قَالَ وَصِيفٌ مَكَانَ مِنْصَفٌ *.إنتهى.
-وفي مصنف بن أبي شيبه ج7/ ص 46: قال حدثنا محمد بن بشر قال حدثنا زكريا بن أبي زائدة عن عطية عن أبي سعيد أن النبي (ص)قال إن لي حوضا طوله ما بين الكعبة إلى بيت المقدس أبيض من اللبن آنيته عدد النجوموإني أكثر الأنبياء تبعا يوم القيامة.
-وفي البدأ و التاريخ ج1 /ص187 :
وأهل الكتاب مجمعون على الإقرار به لأن ذكر الجنة والنار فى غير موضع من كتابهم إلا أنهم مختلفون فى صفاتها بالجنة فتسمى بالعبرانية برديسا وبالعبرية كنعاذن ويزعم طائفة من اليهود"انه إذا كان يوم القيامة أظهرت جهنم من وادى وأحرثت نارا فى الوادى ونصب عليه جسر وأظهرت الجنة من ناحية بيت المقدس وأمر الخلق أن يسيروا عليه فمن كان منهم برئا جرى مثل الريح ومن كان منهم آثما تهافت فى النار…الخ


 التفاصيل في كتاب النفخ في الصور "نفخة الصعق"
أنتهى

من كتاب النفخ في الصور
محمد مجدي رياض




- قال تعالى "أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَقُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ"16الحديد
-قال تعالى " أفمن شرحالله صدره للإسلام فهو على نورمن ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكرالله أولئك في ضلال مبين(22) الزمر

هناك 3 تعليقات:

  1. في صحيح مسلم مِن حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ) ، فَأَيْنَ يَكُونُ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ فَقَالَ : عَلَى الصِّرَاطِ .

    وفي صحيح مسلم أيضا أن حَبْرًا مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ سأل النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : جِئْتُ أَسْأَلُكَ . فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : أَيَنْفَعُكَ شَىْءٌ إِنْ حَدَّثْتُكَ ؟ قَالَ : أَسْمَعُ بِأُذُنَىَّ ، فَنَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِعُودٍ مَعَهُ ، فَقَالَ : سَلْ . فَقَالَ الْيَهُودِي : أَيْنَ يَكُونُ النَّاسُ يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : هُمْ فِى الظُّلْمَةِ دُونَ الْجِسْرِ . قَالَ : فَمَنْ أَوَّلُ النَّاسِ إِجَازَةً ؟ قَالَ : فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ . قَالَ الْيَهُودِي : فَمَا تُحْفَتُهُمْ حِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ؟ قَالَ : زِيَادَةُ كَبِدِ النُّونِ . قَالَ : فَمَا غِذَاؤُهُمْ عَلَى إِثْرِهَا ؟ قَالَ : يُنْحَرُ لَهُمْ ثَوْرُ الْجَنَّةِ الَّذِي كَانَ يَأْكُلُ مِنْ أَطْرَافِهَا . قَالَ : فَمَا شَرَابُهُمْ عَلَيْهِ ؟ قَالَ : مِنْ عَيْنٍ فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً . قَالَ : صَدَقْتَ .

    وفي صحيح مسلم أيضا مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : فَيَمُرُّ أَوَّلُكُمْ كَالْبَرْقِ . قَالَ : قُلْتُ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي أَيّ شَيْءٍ كَمَرِّ الْبَرْقِ ؟ قَالَ : أَلَمْ تَرَوْا إِلَى الْبَرْقِ كَيْفَ يَمُرُّ وَيَرْجِعُ فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ ، ثُمَّ كَمَرِّ الرِّيحِ ، ثُمَّ كَمَرِّ الطَّيْرِ ، وَشَدِّ الرِّجَالِ ، تَجْرِى بِهِمْ أَعْمَالُهُمْ ، وَنَبِيُّكُمْ قَائِمٌ عَلَى الصِّرَاطِ يَقُولُ : رَبِّ سَلِّمْ سَلِّمْ ، حَتَّى تَعْجِزَ أَعْمَالُ الْعِبَادِ ، حَتَّى يَجِيءَ الرَّجُلُ فَلاَ يَسْتَطِيعُ السَّيْرَ إِلاَّ زَحْفًا . قَالَ : وَفِي حَافَتَيِ الصِّرَاطِ كَلاَلِيبُ مُعَلَّقَةٌ مَأْمُورَةٌ بِأَخْذِ مَنْ أُمِرَتْ بِهِ ؛ فَمَخْدُوشٌ نَاجٍ ، وَمَكْدُوسٌ فِي النَّارِ .
    وفي حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه مرفوعا : ثُمَّ يُؤْتَى بِالْجَسْرِ فَيُجْعَلُ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ . قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْجَسْرُ ؟ قَالَ : مَدْحَضَةٌ مَزِلَّةٌ ، عَلَيْهِ خَطَاطِيفُ وَكَلالِيبُ ، وَحَسَكَةٌ مُفَلْطَحَةٌ ، لَهَا شَوْكَةٌ عُقَيْفَاءُ ، تَكُونُ بِنَجْدٍ يُقَالُ لَهَا : السَّعْدَانُ ، الْمُؤْمِنُ عَلَيْهَا كَالطَّرْفِ ، وَكَالْبَرْقِ ، وَكَالرِّيحِ ، وَكَأَجَاوِيدِ الْخَيْلِ ، وَالرِّكَابِ ؛ فَنَاجٍ مُسَلَّمٌ ، وَنَاجٍ مَخْدُوشٌ ، وَمَكْدُوسٌ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ، حَتَّى يَمُرَّ آخِرُهُمْ يُسْحَبُ سَحْبًا ، فَمَا أَنْتُمْ بِأَشَدَّ لِي مُنَاشَدَةً فِي الْحَقِّ قَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ الْمُؤْمِنِ يَوْمَئِذٍ لِلْجَبَّارِ ، وَإِذَا رَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ نَجَوْا فِي إِخْوَانِهِمْ يَقُولُونَ : رَبَّنَا إِخْوَانُنَا كَانُوا يُصَلُّونَ مَعَنَا ، وَيَصُومُونَ مَعَنَا ، وَيَعْمَلُونَ مَعَنَا ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : اذْهَبُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ دِينَارٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجُوهُ ، وَيُحَرِّمُ اللَّهُ صُوَرَهُمْ عَلَى النَّارِ ، فَيَأْتُونَهُمْ وَبَعْضُهُمْ قَدْ غَابَ فِي النَّارِ إِلَى قَدَمِهِ ، وَإِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ ، فَيُخْرِجُونَ مَنْ عَرَفُوا ، ثُمَّ يَعُودُونَ فَيَقُولُ : اذْهَبُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ نِصْفِ دِينَارٍ فَأَخْرِجُوهُ ، فَيُخْرِجُونَ مَنْ عَرَفُوا ، ثُمَّ يَعُودُونَ فَيَقُولُ : اذْهَبُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجُوهُ ، فَيُخْرِجُونَ مَنْ عَرَفُوا . رواه البخاري ومسلم .

    ردحذف
  2. وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا : وَيُضْرَبُ جِسْرُ جَهَنَّمَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُجِيزُ ، وَدُعَاءُ الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ : اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ ، وَبِهِ كَلالِيبُ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ . أَمَا رَأَيْتُمْ شَوْكَ السَّعْدَانِ ؟ قَالُوا : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ : فَإِنَّهَا مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ ، غَيْرَ أَنَّهَا لا يَعْلَمُ قَدْرَ عِظَمِهَا إِلاَّ اللَّهُ ، فَتَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ ؛ مِنْهُمْ الْمُوبَقُ بِعَمَلِهِ، وَمِنْهُمْ الْمُخَرْدَلُ ثُمَّ يَنْجُو . رواه البخاري ومسلم .
    وفي رواية في الصحيحين : وَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ ، فَأَكُونُ أَنَا وَأُمَّتِي أَوَّلَ مَنْ يُجِيزُهَا، وَلا يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ إِلاَّ الرُّسُلُ ، وَدَعْوَى الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ : اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ .

    وفي حديث أَبَي بَكْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : يُحْمَلُ النَّاسُ عَلَى الصِّرَاطِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَتَقَادَعُ بِهِمْ جَنَبَتَا الصِّرَاطِ تَقَادُعَ الْفَرَاشِ فِي النَّارِ ، قَالَ : فَيُنْجِي اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ، قَالَ : ثُمَّ يُؤْذَنُ لِلْمَلاَئِكَةِ وَالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ أَنْ يَشْفَعُوا فَيَشْفَعُونَ ، وَيُخْرِجُونَ وَيَشْفَعُونَ ، وَيُخْرِجُونَ وَيَشْفَعُونَ ، وَيُخْرِجُونَ ، وَزَادَ عَفَّانُ مَرَّةً فَقَالَ أَيْضًا : وَيَشْفَعُونَ وَيُخْرِجُونَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مَا يَزِنُ ذَرَّةً مِنْ إِيمَانٍ . رواه الإمام أحمد ، وقال شعيب الأرنؤوط : إسناده حسن

    وفي صحيح مسلم : قَالَ أَبُو سَعِيدٍ : بَلَغَنِي أَنَّ الْجِسْرَ أَدَقُّ مِنَ الشَّعْرَةِ وَأَحَدُّ مِنَ السَّيْفِ .

    وفي مسند أحمد وجامع الترمذي مِن حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَشْفَعَ لِي يَوْمَ القِيَامَةِ ، فَقَالَ : أَنَا فَاعِلٌ. قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ فَأَيْنَ أَطْلُبُكَ ؟ قَالَ : اطْلُبْنِي أَوَّلَ مَا تَطْلُبُنِي عَلَى الصِّرَاطِ . قَالَ : قُلْتُ : فَإِنْ لَمْ أَلْقَكَ عَلَى الصِّرَاطِ ؟ قَالَ : فَاطْلُبْنِي عِنْدَ الْمِيزَانِ . قُلْتُ : فَإِنْ لَمْ أَلْقَكَ عِنْدَ الْمِيزَانِ ؟ قَالَ : فَاطْلُبْنِي عِنْدَ الحَوْضِ ، فَإِنِّي لاَ أُخْطِئُ هَذِهِ الثَّلاَثَ الْمَوَاطِنَ . وصححه الألباني ، وقال شعيب الأرنؤوط : رجاله رجال الصحيح , ومَتْنه غريب .

    ردحذف

  3. وعن عَائشة رضي الله عنها أنّها ذَكَرَتِ النَّار فَبَكَتْ ، فَقَال رَسُول الله صلى الله عليه وسلم : مَا يُبْكِيك ؟ قَالَتْ : ذَكَرْتُ النَّار فَبَكَيْتُ ، فَهَل تَذْكُرون أهْلِيكُم يَوْم القِيَامَة ؟ فَقَال رَسُول الله صَلى الله عليه وسلم : أمَّا في ثَلاثَة مَوَاطِن فَلا يَذْكُر أحَدٌ أحَدا : عِنْد الْمِيزَان حَتَّى يَعْلَم أيَخِفّ مِيزَانه أوْ يَثْقُل ، وعِنْد الكِتَاب حِين يُقَال هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ) حتى يَعْلَم أين يَقَع كِتَابه ، أفِي يَمِينه أمْ في شِمَاله أمْ مِن وَرَاء ظَهْره ؟ وعِنْد الصِّرَاط إذا وُضِعَ بَيْن ظَهْرَي جَهَنَّم . رواه أبو داود والحاكم، وقال : هذا حديث صحيح إسناده على شرط الشيخين ، لولا إرسال فيه بين الحسن وعائشة ، على أنه قد صَحَّت الروايات أن الحسن كان يدخل وهو صبي مَنْزِل عائشة رضي الله عنها وأم سلمة . اه . فالحديث مُنْقَطِع ؛ لأنّه مِن رواية الْحَسَن عن عَائشة رضي الله عنها . وفيه عَنْعنة الحسن ، وهو مُدلِّس . وضَعّف ابن حجر حديثا آخر بسبب رواية الحسن عن عائشة ، حيث قال في " فتح الباري " الحسن لم يَسْمَع مِن عائشة ، فهو ضعيف .
    ورَواه أسد بن موسى في " الزهد " مِن طريق الشعبي عن عائشة ، وفيه انقطاع . قال ابن مَعِين: ما روى الشعبي عن عائشة فهو مُرْسَل " تاريخ ابن معين رواية الدوري " .

    وفي رِوَاية مُخْتَصَرَة : قَالَت عَائشة : يَا رَسول الله هَل تَذْكُرُون أهْلِيكُم يَوْم القِيَامَة؟ قَال : أمَّا في مَوَاطِن ثَلاثَة فَلا : الكِتَاب ، والْمِيزَان ، والصِّرَاط . رواه الإمام أحمد ، وهي كَسَابِقتِها من رواية الْحَسَن عن عَائشة .

    وفي رواية : قَالَت : قُلْت : يَا رَسُول الله هل يَذْكُر الْحَبِيب حَبِيبَه يَوْم القِيَامَة ؟ قَال: يَا عَائشة أمَّا عِنْد ثَلاث فَلا : أمَّا عِنْد الْمِيزَان حَتى يَثْقُل أوْ يَخِفّ ؛ فَلا ، وأمَّا عِنْد تَطَايُر الكُتُب ، فَإمَّا أن يُعْطَى بِيَمِينِه أوْ يُعْطَى بِشِمَاله ؛ فَلا ، وحِين يَخْرُج عُنُق مِن النَّار فَيَنْطُوي عَلَيهم ويَتَغَيَّظ عَليهم . رواه أحمد ، وفي إسناده : ابن لهيعة ، وهو ضعيف ، إلاَّ أنها تَشْهد للرواية السابقة .
    وقال الهيثمي : رواه أحمد وفيه ابن لهيعة ، وهو ضعيف وقد وُثِّق ، وبقية رجاله رجال الصحيح . اه .
    وقال الحسيني في " البيان والتعريف " : وفي سَنَد أحمد بن لهيعة ، وبقية رجاله رجال الصحيح . اه.

    فلعله يرتقي إلى الْحَسَن بمجموع هذه الطُّرُق .

    ولا أعلم صِحّة ما قيل : (و تحتك ( شوك مدبب ) تجرح القدم و تخدشها (تكفير ذنب الكلمة الحرام والنظرة الحرام...ألخ)) ؛ لأنه جاء في الحديث : وَفِى حَافَتَيِ الصِّرَاطِ كَلاَلِيبُ مُعَلَّقَةٌ مَأْمُورَةٌ بِأَخْذِ مَنْ أُمِرَتْ بِهِ ؛ فَمَخْدُوشٌ نَاجٍ ، وَمَكْدُوسٌ فِى النَّارِ . رواه مسلم . وسبق بِطُولِه .
    وتكفير مثل هذه الذنوب حاصل في الغالب قبل المرور على الصراط ؛ إما في الدنيا ، وإما في البرزخ .
    قال ابن حجر : قال القاضي أبو بكر بن العربي : هذه الكلاليب هي الشهوات المشار إليها في الحديث الماضي : " حُفَّت النار بِالشَّهَوات " قال : فالشَّهَوات موضوعة على جوانبها ، فمن اقتحم الشَّهْوة سَقط في النار ؛ لأنها خطاطيفها . اه .

    وهناك صِراط ثاني ، وهو المذكور في حديث أبِي سعيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنهُ عنْ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قال : إذَا خلَصَ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ حُبِسُوا بِقَنْطَرَةٍ بَيْنَ الجَنَّةِ والنَّارِ ، فيَتَقَاصُّونَ مَظالِمَ كانَتْ بَيْنَهُمْ في الدُّنْيا ، حتَّى إذا نُقُّوا وهُذِّبُوا أُذِنَ لَهُمْ بِدُخُولِ الجنَّةِ ، فَوَالَّذِي نفْسُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ لأَحَدُهُم بِمَسْكَنِهِ فِي الجَنَّةِ أدَلُّ بِمَنْزِلِهِ كانَ فِي الدُّنْيَا . رواه البخاري .
    قال العيني : قوله : " بِقَنْطَرة " قال ابن التين : القنطرة كل شيء يُنْصَب على عين أو وَادٍ . وقال الهروي : سُمِّي البناء قَنْطَرة لِتَكاثف بعض البناء على بعض .
    وسماها القرطبي : الصراط الثاني ، والأول لأهل الْمَحْشَر كلهم إلاَّ مَن دخل الجنة بغير حساب ، أو يلتقطه عُنق من النار ف، إذا خلص مِن الأكبر ولا يَخْلص منه إلاَّ المؤمنون حُبِسُوا على صراط خاص بهم ، ولا يرجع إلى النار مِن هذا أحد ، وهو معنى قوله : إذا خلص المؤمنون من النار ، أي: مِن الصراط المضروب على النار . اه .

    والله تعالى أعلم .

    ردحذف