السبت، 31 أغسطس 2013

Mohammed Magdy Riad:

Mohammed Magdy Riad:



س- لماذا أختلف العلماء في الإجابة عن هذا السؤال الأزلي هل الإنسان مسير؟.. أم مخير ؟

- يسأل البعض إذا كان الذنب مقدراً، فلماذا أذن الحساب ومقدر لي فعله ؟
- الإجابة: يرجع هذا الاستشكال في نقطة أساسية وهي عدم التفريق بين القضاء وبين القدر، بمعني أن القدر له مفهوم، والقضاء له مفهوم آخر .
وفي هذا البحث المختصر سوف نوضح ذلك حتى تنجلي القلوب من الشكوك والتساؤلات العديدة.
س: هل هناك فارق بين القضاءوبين القدر 
الإجابة
 نعم


هناك فارق بين القضاء وبين القدر
  الملخص


أولا : بالنسبة للقدر
عن حذيفة بن أسيد يبلغ به النبي  قال: "يدخل الملك على النطفة بعد ما تستقر في الرحم بأربعين أو خمس وأربعين ليلة فيقول يا رب أشقي أم سعيد فيكتبان فيقول أي رب أذكر أم أنثى فيكتبان ويكتب عمله وأثره واجله ورزقه ثم تطوى الصحيفة فلا يزاد فيها ولا ينقص" رواه مسلم
الشاهد: ففي حديث الملك عن(ما قدره)الله لعباده ...........:قدر الرزق، والأجل، والعمل، وسعيد أم شقي


السؤال: هل للنفس دور  في ما قدره الله لعبده


الإجابة:
 لا… فالنفس ليس لها أي دور فيما قدر عليها في الرزق والعمل …الخ ،
ولكن للنفس دور في( الهدي ) للحصول على  ما قدر عليها
قال تعالى" والذي (قدر)…( فهدى) …"الأعلى
 -فإما أن يأتي (الهدي) إلى ما قدر بالتيسير
- وإما أن يأتي( الهدي) لنفس ما قدر ولكن (بالتعسير)
———————–.
 &- ففي الرزق لو قدر لي 500 ريال جنية مثلا فالهدي إليه قد يأتي بالتيسير(كالحلال) و قد يأتي الهدي لنفس هذا المبلغ المقدر ولكن بالتعسير(كالحرام)
الشاهد:
ولتلك الأحاديث تطبيق فقد روي بأن على بن أبي طالب قد نوى أن يكافأ أحد الأفراد لنظير أن طلب منه أن يحافظ على فرسه لحين انتهائه من صلاته، ولكن عند خروجه من المسجد وجد أن الرجل قد هرب وسرق معه سرج فرسه وترك الفرس بدون السرج فقال الصحابي"كنت قد سمت سرج فرسي فوجدت أن قيمته (ديناران) ، وقد نويت أن أعطي للرجل مبلغ (ديناران) نظير ما كلفته به من عمل ليرزق بهم من الحلال،ولكنه أبى ،وسارع وأخذ (الديناران) من الحرام.

&- وفي العمر لو قدر الأجل لي 50 عام فالهدي إليه(الموت)قد يأتي بالتيسير  كالملبي والساجد أو يأتي نفس الأجل المقدر ولكن بالتعسير كالذي يموت وهو يتقيأ من الخمر

الشاهد:
 حسن الختمة أو سوء الخاتمة تتوقف على العبد لاعمالة... فهما الهدي للموت  


- ففي صحيح مسلم:حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق قال أنا معمر عن عثمان بن زفر عن بعض بني رافع بن مكيث وكان ممن شهد الحديبية أن النبي (ص) قال حسن الخلق نماء وسوء الخلق شؤم والبر زيادة في العمر،والصدقة تمنع ميته السوء 

&- العمل من المقدرات على العبد( ومكتوب بصحيفة الملك) العمل مقدر ومكتوب،سواء ًكان العبد مؤمنا أو كان كافرا قال تعالى"إنا كل شئ خلقنه بقدر"القمر
ولكن تغيير النفس قد يأتي في "الهدى" (والذي قدر فهدى)" للتوفيق أو في عدم التوفيق" للعمل المقدر كنتيجة لتدخل نفسية العبد وسعيه ولاسيما بأن الإنسان خلق له عقل ليكون مخيرا في اختياره قال تعالى" فأما من أعطى واتقى(5)وصدق بالحسنى(6)فسنيسره لليسرى(7)وأما من بخل واستغنى(8)وكذب بالحسنى (9) فسنيسره للعسرى(10) الليل

الشاهد: 
في صحيح البخاري : حدثني الحميدي حدثنا سفيان عن بن طاوس عن أبيه عن بن عباس قال لم أر شيئا أشبه باللمم من قول أبي هريرة وحدثني محمود أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن بن طاوس عن أبيه عن بن عباس قال ما رأيت شيئا أشبه باللمم مما قال أبو هريرة عن النبي (ص)إن الله كتب على بن ادم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة فزنا العين النظر وزنا اللسان المنطق والنفس تتمنى وتشتهي( والفرج يصدق ذلك كله أو يكذبه  (.

&والشقي أو السعيد في صحيفة الملك:هو المقدر له الخلود في الجنة أو في الخلود في النار لتكون هذه حالته الأخيرة المسجلة عند الملك،( أي بعد الفصل التام بين أهل الجنة المخلدون وبين أهل النار المخلدون لتسجل حالتهم الأخيرة فقط عند الملك (شقي أو سعيد ), أما أهل المعاصي بالذنوب مسجلون من السعداء لخلودهم في الجنة من بعد أن يمضوا عقوبتهم في النار ثم يدخلون الجنة للخلود .
الشاهد
فالهدي للجنة يرجع للعبد(أن كان قدر له أنه من السعداء فأما أن يدخل الجنة مباشرة  
أذا لم يرتكب ذنوب أو يدخل الجنة بعد العذاب أن أرتكب الذنوب ليكون الهدي للجنة المقدرة ترجع للعبدد


=============

 - ثانيا: بالنسبة للقضاء:  
فهو حكم الله السابق على عباده بالمحو والإثبات قال تعالى" يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب " وقد ثبت عن الرسول (ص) وثبت في الصحيح"إن الدعاء والقضاء ليعتلجان بين السماء والأرض
وقوله تعالى"وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون " وقوله تعالى" فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}؟
ومما يخفي عن البعض بأن الرزق والعمر والعمل والشقي والسعيد المكتوب عند الملك مكتوب أيضا في( قضاء الله )  باللوح المحفوظ  بالمحو والإثبات
قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَزِيدُ فِي الْعُمْرِ إِلَّا الْبِرُّ وَلَا يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلَّا الدُّعَاءُ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِخَطِيئَةٍ يَعْمَلُهَا
وقال تعالى" وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى"طه …الخ
(روى البخاري وأحمد وغيرهم عن أبي مسعود رضي الله عنه قال : خط النبي صلى الله عليه وسلم خطا مربعا ، و خط خطاً في الوسط خارجاً منه فقال : هذا الإنسان وهذا أجله محيطا به – أو قد حاط به –وهذا الذي خارج أمله ، وهذه الخطط الصغار الأعراض ، فإن أخطأه هذا نهشه هذا ، وإن أخطأه هذا نهشه هذا)
 الخلاصة: كتب القضاء في مسارات عديدة (يمحو الله ما يشاء ويثبت)، في كل مسار لا يتغير القدر فيه، حيث يرجع اختيار المسار الذي سيتم تطبيقه كنتيجة لتصرف العبد، ،.
النتيجة: المحو والإثبات ثبت على كتاب الأقدار المكتوب بالقلم ،مما سبق به القضاء.ففي تفسير بن كثير ج2 ص 520:
ثبت في الصحيح أن صلة الرحم تزيد في العمر وفي حديث آخر إن الدعاء والقضاء ليعتلجان بين السماء والأرض قال بن جرير حدثني محمد بن سهل بن عسكر حدثنا عبد الرزاق أنا بن جريج عن عطاء عن بن عباس قال إن لله لوحا محفوظا مسيرة خمس مئة عام من درة بيضاء لها دفتان من ياقوت والدفتان لوحان لله عز وجل كل يوم ثلاث مئة وستون لحظة يمحو ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب
وقال الليث بن سعد عن زيادة بن محمد عن محمد بن كعب القرظي عن فضالة بن عبيد عن أبي الدرداء قال"قال رسول الله e يفتح الذكر في ثلاث ساعات يبقين من الليل في الساعة الأولى منها ينظر في الذكر الذي لا ينظر فيه أحد غيره فيمحو ما يشاء ويثبت"وذكر تمام الحديث رواه بن جرير.
وقال الكلبي يمحو الله ما يشاء ويثبت قال يمحو من الرزق ويزيد فيه ويمحو من الأجل ويزيد فيه فقيل له من حدثك بهذا فقال أبو صالح عن جابر بن عبد الله بن رباب عن النبي e
قال عكرمة عن ابن عباس: الكتاب كتابان, فكتاب يمحو الله منه ما يشاء ويثبت, وعنده أم الكتاب …الخ
قال: الحديث الذي رواه عبد الله بن صالح ، عن الليث، 
عن عقيل عن الزهري : أخبرني عثمان بن محمد بن المغيرة بن الأخنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "تقطع الآجال من شعبان إلى شعبان ، حتى إن الرجل لينكح ويولد له ، وقد أخرج اسمه في الموتى " فهو حديث مرسل ، ومثله لا يعارض به النصوص
وقوله : ( فيها يفرق كل أمر حكيم أي : في ليلة القدر يفصل من اللوح المحفوظ إلى الكتبة أمر السنة ، وما يكون فيها من الآجال والأرزاق ، وما يكون فيها إلى آخرها . وهكذا روي عن ابن عمر ، وأبي مالك ، ومجاهد ، والضحاك ، وغير واحد من السلف .
انتهى التلخيص

 ————————- التفاصيل للمحققين والمتخصصين —————— 
الجزء الأول
  
أولا (القدر) :القضية هي دور النفس 
وعلاقتها في ما قدره الله تعالى على عباده

قال تعالى(سبح اسم ربك الأعلى الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى.. )الأعلى.
الشاهد:
 من هذه الآية الكريمة: الله تعالى هو الذي (& قدر) وهو الذي(& هدى).
&- في قوله تعالى "قدر": فما هو الذي قدره الله تعالى على عباده: الله عز وجل قدر الرزق، والأجل، والعمل، وسعيد أم شقي .
ففي الحديث عن ما قدره الله تعالى لعباده :- قال حذيفة بن أسيد عن النبي(ص):" يدخل الملك على النطفة بعدما تستقر في الرحم بأربعين، أو خمس وأربعين ليلة، فيقول: يا رب أشقي أم سعيد؟ فيكتبان، فيقول: أي رب أذكر أم أنثى؟ فيكتبان، ويكتب عمله وأثره وأجله ورزقه، ثم تطوى الصحف فلا يزاد فيها ولا ينقص".
-وفي صحيح مسلم "بَاب بَيَانِ أَنَّ الْآجَالَ وَالْأَرْزَاقَ وَغَيْرَهَا لَا تَزِيدُ وَلَا تَنْقُصُ عَمَّا سَبَقَ بِهِ الْقَدَرُ"
&- أما كلمة"هدى": أي هدى الله الناس لأقدارها لقوله"والذى قدر فهدى:
في كتاب البداية والنهاية:(والذي قدر فهدى) قال قدر قدرا وهدى الخلائق إليه.
وفي تفسير القرطبي: قال( والذي قدر فهدى ) أي أرشد، وقال مجاهد قدر الشقاوة والسعادة وهدى للرشد والضلالة وعنه قال هدى الإنسان للسعادة والشقاوة وهدى الأنعام لمراعيها وقيل قدر أقواتهم وأرزاقهم وهداهم لمعاشهم إن كانوا إنسا ولمراعيهم إن كانوا وحشا. وقال عطاء جعل لكل دابة ما يصلحها وهداها له وقيل خلق المنافع في الأشياء وهدى الإنسان لوجه استخراجها منها وقيل قدر فهدى قدر لكل حيوان ما يصلحه فهداه إليه وعرفه وجه الانتفاع به.
"والذي قدر فهدى "هذا كقوله تعالى" ربنا الذي أعطى كل شيء خلقهثم هدى".
ولقوله تعالى" وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله" .
وقال قتادة ( إن علينا للهدى ) أي نبين الحلال والحرام وقال غيره من سلك طريق الهدى وصل إلى الله.
كيفية الهدي على ما قدر من رزق، وأجل، وعمل، وسعيد أم شقي

أولا : الرزق من المقدرات على العبد :(فمكتوب بصحيفة الملك )
والقضية هل للنفس دورا في هذا الرزق المقدر؟
الشرح: الرزق من المقدرات المقسومة على العباد لقوله تعالى" نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحيواة الدنيا"، وقال تعالى"..نحن نرزقكم وإياهم …"الأنعام ،" وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى ".
فالرزق يأتي للعبد بمعناه الشامل: فعن الإمام أحمد  حدثنا محمد بن عبيد حدثنا إسحاق عن الصباح بن محمد عن مرة الهمداني عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله (ص) إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم وإن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب ولا يعطي الدين إلا لمن أحب فمن أعطاه الله الدين فقد أحبه.."
والرزق بالفقر من قدر الله على العبدg"لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مماّ ءاتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ماّءاتاها سيجعل الله بعد عسر يسر "الطلاق
والرزق بالغني من قدر الله على العبد: قال تعالى "قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ولكن أكثر الناس لا يعلمون"سبأ
والحكمة في اختلاف الأرزاق بين العباد : قال الله تعالى " أهم يقسمون رحمت ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحيوة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمت ربك خير مما يجمعون" الزخرف  ولله الحكمة البالغة في أنه لم يجعل جميع عباده أغنياء : قال تعالى"ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء إنه بعباده خبير بصير "الشورى .
- وقد جاء في الحديث "إن من عبادي لمن لا يصلحه إلا الفقر ولو أغنيته لأفسدت عليه دينه وإن من عبادي لمن لا يصلحه إلا الغنى ولو أفقرته لأفسدت عليه دينه"
النتيجة :
أ‌- الرزق مقدر ومكتوب للغني وللفقير، وسواء ً كان العبد مؤمنا أو كان كافرا والعبد يحصل على رزقه المقدر كاملا دون زيادة عليه أو نقص منه فيما قدر له ، فالرزق واحد ولا دخل لتغير النفس في تغيير رزقها  المقدر لها . والشاهد على ذلك:في صحيح مسلم:"بَاب بَيَانِ أَنَّ الْآجَالَ وَالْأَرْزَاقَ وَغَيْرَهَا لَا تَزِيدُ وَلَا تَنْقُصُ عَمَّا سَبَقَ بِهِ الْقَدَرُ *
ب‌- ولكن تغيير النفس يأتي في الهدى لكيفية الحصول علي هذا الرزق المقدر للعبد لقوله تعالي:(قدر فهدى)،فالله قدر لعبده الرزق بدون زيادة  أو نقص منه ويهديه  للحصول عليه ،فتأتي الهداية الربانية بأن يجعل الله الرزق المقدر للعبد بأن يأتيه:-
& -  أما عن طريق التيسير .
&- أو أن يأتيه نفس الرزق المقدر له ولكن بطريق التعسير.
كنتيجة لتدخل نفسية العبد وسعيه قال تعالى "فأما من أعطى واتقى*وصدق بالحسنى * فسنيسره لليسرى * وأما من بخل واستغنى*وكذب بالحسنى* فسنيسره للعسرى"
الشاهد : 
عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله (ص) قال ليس من عمل يقرب من الجنة إلا قد أمرتكم به ولا عمل يقرب من النار إلا وقد نهيتكم عنه فلا يستبطئن أحد منكم رزقه فإن جبريل ألقى في روعي أن أحدا منكم لن يخرج من الدنيا حتى يستكمل رزقه فاتقوا الله أيها الناس وأجملوا في الطلب فإن استبطأ أحد منكم رزقه فلا يطلبه بمعصية الله فإن الله لا ينال فضله بمعصيته رواه الحاكم .
عن جابر أن رسول الله (ص)قال لا تستبطئوا الرزق فإنه لم يكن عبد ليموت حتى يبلغ آخر رزق هو له فأجملوا في الطلب أخذ الحلال وترك الحرام رواه ابن حبان في صحيحة والحاكم وقال صحيح على شرطهما .
ولتلك الأحاديث تطبيق لموقف أحد الصحابةt(لم أقف على أسمه)فقد روي بأنه قد نوى أن يكافأ أحد الأفراد لنظير أن طلب منه أن يحافظ على فرسه لحين انتهائه من صلاته، ولكن عند خروجه من المسجد وجد أن الرجل قد هرب وسرق معه سرج فرسه وترك الفرس بدون السرج فقال الصحابي"كنت قد سمت سرج فرسي فوجدت أن قيمته (ديناران) ، وقد نويت أن أعطي للرجل مبلغ (ديناران) نظير ما كلفته به من عمل ليرزق بهم من الحلال،ولكنه أبى ،وسارع وأخذ (الديناران) من الحرام.
الخلاصة 
الرزق مقدر بصحيفة الملك ولا يتغير فيما قدره الله تعالى للعبد من رزق.
ولكن تدخل النفس يكون سبباً للحصول على هذا الرزق المقدر باختلاف الهدي إليه:
- فأما أن يأتي الرزق المقدر بالهدي إليه من التيسير(10ريال) من الحلال.
- أو يأتي نفس الرزق المقدر بالهدي إليه من التعسير (10 ريال) من الحرام.انتهى
الشاهد : روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال خطبنا رسول الله(ص) في مسجد الخيف فحمد الله وذكره بما هو أهله ثم قال" من كانت الدنيا همه فرق الله شمله وجعل فقره بين عينيه ولم يؤته من الدنيا إلا ما كتب له" . رواه الطبراني
ماذا قيل عن الأنفاق : ففي مسند أحمد "قال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم قال الله" لا يأتي ابن ادم النذر بشيء لم أكن قدرته له ولكنه يلقيه النذر بما قدرته له يستخرج به من البخيل يؤتيني عليه ما لم يكن آتاني عليه من قبل *حديث قدسي
وفي حديث أبي كثير عن عبد الله بن عمرو مرفوعا إياكم والشح فإنه أهلك من كان قبلكم أمرهم بالبخل فبخلوا وأمرهم بالقطيعة فقطعوا وأمرهم بالفجور ففجروا.
عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله (ص) ما عال من اقتصد .
- روى مسلم  عن قتيبة عن إسماعيل بن جعفر عن العلاء عن أبيه عن أي هريرة مرفوعا ما نقص مال من صدقة وما زاد الله عبدا أنفق إلا عزا ومن تواضع لله رفعه الله.

ثانيأ : العمل من المقدرات على العبد : ( ومكتوب بصحيفة الملك )
والقضية هل للنفس دورا في هذا العمل المقدر؟
العمل من المقدرات المكتوبة على العبد، ففي حديث الملك عن ما قدره الله تعالى لعباده "… ويكتب عمله وأثره وأجله ورزقه، ثم تطوىالصحف فلا يزاد فيها ولا ينقص".فالعمل من المقدرات.
الشاهد:
في صحيح البخاري :" حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان قال حفظناه من عمرو عن طاوس سمعت أبا هريرة عن النبي (ص) قال احتج ادم وموسى فقال له موسى يا ادم أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة قال له ادم يا موسى اصطفاك الله بكلامه وخط لك بيده أتلومني على أمر قدره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة فحج ادم موسى فحج ادم موسى ثلاثا وقال سفيان حدثنا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي (ص) مثله.
وقال تعالى"  قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ) *
وفي فتح الباري ج13 ص532: قال تعالى "خلق الموت والحياة" وقال "وانه هو أمات وأحيا" فأخبر أنه المحيي المميت وأنه خلق الموت والحياة فثبت ان الأفعال كلها خيرها وشرها صادرة عن خلقه وإحداثه إياها وقال تعالى" وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى" وقال" أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون" فسلب عنهم هذه الأفعال وأثبتها لنفسه ليدل بذلك على أنالمؤثر فيها حتى صارت موجودة بعد العدم هو خلقه وان الذي يقع من الناس إنما هو مباشرة تلك الأفعال بقدرة حادثة أحدثها على ما أراد فهي من الله تعالى.انتهى
قال تعالى"..وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ"فصلت في كتاب سير أعلام العلماء ج12/ ص 455 قال الحاكم حدثنا أبو بكر محمد بن أبي الهيثم المطوعي ببخارى حدثنا محمد بن يوسف الفربري سمعت محمد بن إسماعيل يقول أما أفعال العباد فمخلوقة فقد حدثنا علي بن عبد الله حدثنا مروان بن معاوية حدثنا أبو مالك عن ربعي عن حذيفة قال النبي(ص) إن الله يصنع كل صانع وصنعته، وقال تعالى"فالله خالق كل شئ " خلق الصانع وصنعته.
النتيجة:
أ - العمل مقدر ومكتوب،سواء ًكان العبد مؤمنا أو كان كافرا قال تعالى"إنا كل شئ خلقنه بقدر"القمر
ب- ولكن تغيير النفس قد يأتي في الهدى (والذي قدر فهدى)" للتوفيقأو في عدم التوفيق" للعمل المقدر كنتيجة لتدخل نفسية العبد وسعيه ولاسيما بأن الإنسان خلق له عقل ليكون مخيرا في اختياره قال تعالى" فأما من أعطى واتقى(5)وصدق بالحسنى (6)فسنيسره لليسرى(7)وأما من بخل واستغنى(8)وكذب بالحسنى(9)فسنيسره للعسرى(10) الليل . .
الشاهد :
في صحيح البخاري : حدثني الحميدي حدثنا سفيان عن بن طاوس عن أبيه عن بن عباس y قال لم أر شيئا أشبه باللمم من قول أبي هريرة وحدثني محمود أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن بن طاوس عن أبيه عن بن عباس قال ما رأيت شيئا أشبه باللمم مما قال أبو هريرة عن النبي r" إن الله كتب على بن ادم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة فزنا العين النظر وزنا اللسان المنطق والنفس تتمنى وتشتهي والفرج يصدقذلك كله أو يكذبه ".
وقال تعالى (يا أيها الرسول بلغ مآ أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدى القوم الكافرين" المائدة
وقال البخاري في كتاب خلق أفعال العباد بعد ان ساق قوله تعالى يا أيها الرسول بلغ الآية قال فذكر تبليغ ما أنزل إليه ثم وصف فعل تبليغ الرسالة فقال وان لم تفعل فما بلغت قال فسمى تبليغه الرسالة وتركهفعلا.
الخلاصة:
&- ففي إحباط العمل المقدر قال تعالى " وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه كذالك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين"يوسف
وقال تعالى  " قال رب السجن أحب إلى مما يدعونني إليه وإلا تصرف عنى كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم"يونس
وقال"ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ(28)محمد
&- أما في التوفيق في العمل المقدر: في الحديث "حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا اسْتَعْمَلَهُ فَقِيلَ كَيْفَ يَسْتَعْمِلُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ يُوَفِّقُهُ لِعَمَلٍ صَالِحٍ قَبْلَ الْمَوْتِ قَالَ أَبمو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ *
حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ فَرَافِصَةَ حَدَّثَنِي رَجُلٌ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانٍِ أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ بَيْنَمَا أَنَا أُصَلِّي إِذْ سَمِعْتُ مُتَكَلِّمًا يَقُولُ اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كُلُّهُ وَلَكَ الْمُلْكُ كُلُّهُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ كُلُّهُ إِلَيْكَ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ عَلَانِيَتُهُ وَسِرُّهُ فَأَهْلٌ أَنْ تُحْمَدَ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي جَمِيعَ مَا مَضَى مِنْ ذَنْبِي وَاعْصِمْنِي فِيمَا بَقِيَ مِنْ عُمْرِي وَارْزُقْنِي عَمَلا زَاكِيًا تَرْضَى بِهِ عَنِّي فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاكَ مَلَكٌ أَتَاكَ يُعَلِّمُكَ تَحْمِيدَ رَبِّكَ *
وقال تعالى"…إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ"هود
النتيجة :
- في صحيح مسلم : حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا أبو خالد يعني سليمان بن حيان عن سعد بن طارق عن ربعي عن حذيفة قال كنا عند عمر فقال أيكم سمع رسول الله(ص)يذكر الفتن فقال قوم نحن سمعناه فقال لعلكم تعنون فتنة الرجل في أهله وجاره قالوا أجل قال تلك تكفرها الصلاة والصيام والصدقة ولكن أيكم سمع النبي (ص) يذكر الفتن التي تموج موج البحر قال حذيفة فأسكت القوم فقلت أنا قال أنت لله أبوك قال حذيفة سمعت رسول الله (ص) يقول تعرض الفتنعلى القلوب كالحصير عودا عودا فأي قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء
الخلاصة :
قال تعالى ( وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ )
أ‌- العمل مقدر على العبد في خيره و شره لقوله تعالى"والذي قدر فهدى"
ب‌- ولكن تغير النفس لها الأثر في الهدي للتوفيق في العمل المقدر في إنجازه أو في أحباطه بحسب ماقدر الله فيه من خير أو سوء كنتيجة لتغير نفسية العبد ومن ثم كانت صلاة الاستخارة للمؤمن لطلب التوفيق في العمل أو صرفه بما هو فيه من خير له.، ولكون الإنسان خلقه الله مخيرا وله عقل وإرادة مستقلة ، لكنه في النهاية لن يخرج الإنسان في اختياره عن ما قدره الله له لتقع مسئولية الهدي إلى ما قدره الله تعالى على العبد كنتيجة لتدخل نفسية العبد وسعيه .
فقد قدر له الخير وهو الذي يحبه ويرضاه في كونه.
وقدر عليه الشر وهو الذي لا يحبه ولا يرضاه  في كونه ولكن أوجده "قل أعوذ برب الفلق من شر ماخلق"وذلك لاختبار العقل بكون عنده أكثر من خيار، طريق الخير وطريق الشر "وهديناه النجدين" لتعرض الفتن على القلوب كما قال الحبيب المصطفى ومن ثم يمكن اختبار عقل الإنسان  بما قدر عليه من خير أو شر.
فالإنسان خلق له الخيار في فعله للشر أو في عدم فعله، وكذلك بفعل الخير أو في عدم فعله.
وبعكس الملائكة فليس لهم إلا خيار الخير فقط قال تعالى عن قول الملائكة "أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونستغفرك".

ثالثأ :العمر من المقدرات على العبد
( ومكتوب بصحيفة الملك )
والقضية هل للنفس دورا في هذا العمرالمقدر؟
الموت من المقدرات الذي قدرها الله تعالى على العباد قال تعالى " نحن قدرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين"الواقعة ، فالعمر مقدر ومكتوب بصحيفة الملك ويعيش العبد عمره المقدر كاملا دون زيادة عليه أو نقص منه لقوله تعالى" فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون"النحل
-ففي صحيح مسلم : "بَاب بَيَانِ أَنَّ الْآجَالَ وَالْأَرْزَاقَ وَغَيْرَهَا لَا تَزِيدُ وَلَا تَنْقُصُ عَمَّا سَبَقَ بِهِ الْقَدَرُ…."
النتيجة :
أ‌- لا دخل للنفس عند تغيرها في تغيير ساعة الموت المقدرة لها في صحيفة الملك ففي الحديث" ويكتب عمله وأثره وأجله ورزقه، ثم تطوى الصحف فلا يزاد فيها ولا ينقص".
ب- ولكن التغيير يأتي لكيفية وقوع الموت، فقد يأتي الموت المقدر بالهدي إليه لقوله (قدر فهدى)فالهدي يأتي كنتيجة لتغير نفسية العبد في العلاقة مع الرب(جل جلاله)
أي عن طريق التيسير أو عن طريق التعسير لقوله " فأما من أعطى واتقى(5)وصدق بالحسنى (6)فسنيسره لليسرى(7)وأما من بخل واستغنى(8)وكذب بالحسنى(9)فسنيسره للعسرى(10) الليل . .
الشاهد:
في صحيح مسلم:حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق قال أنا معمر عن عثمان بن زفر عن بعض بني رافع بن مكيث وكان ممن شهد الحديبية أن النبي (ص) قال حسن الخلق نماء وسوء الخلق شؤم والبر زيادة في العمر،والصدقة تمنع ميته السوء حديث أبي لبابة عبد المنذر بن عبد المنذر-أخبرنا أبو الحسن بن عبدان أنبأ أحمد بن عبيد ثنا إسماعيل بن إسحاق ثنا أبو مصعب ثنا مالك  وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس ثنا عثمان بن سعيد ثنا القعنبي فيما قرأ على مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله (ص) قال والذي نفسي بيده لا يكلم أحد في سبيل الله والله أعلم بمن يكلم في سبيله إلا جاء يوم القيامة وجرحه يثعب دما اللون لون الدم والريح ريح المسك رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف عن مالك وأخرجه مسلم من حديث بن عيينة عن أبي الزناد.قال تعالى(خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها).
- وفي صحيح البخاري :
 حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا هشيم أخبرنا أبو بشر عن سعيد بن جبير عن بن عباس رضي الله عنهما أن رجلا كان مع النبي (ص) فوقصته ناقته وهو محرم فمات فقال رسول الله (ص) اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ولا تمسوه بطيب ولا تخمروا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا.
حَدَّثَنَا أَسْوَدُ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَمُوتَ غَمًّا أَوْ هَمًّا أَوْ أَنْ أَمُوتَ غَرَقًا أَوْ أَنْ يَتَخَبَّطَنِي الشَّيْطَانُ عِنْدَ الْمَوْتِ أَوْ أَنْ أَمُوتَ لَدِيغًا *.
الخلاصة:
أ‌- الآجل مقدر في صحيفه الملك ويعيش العبد عمره  المقدر كاملا بدون زيادة عليه أو نقص بما قدر للعبد من عمر .
ب‌- ولكن تغيير النفس قد يأتي أثره في الهدى لكيفية حصول الموتالمقدر(قدر فهدى)
- فأما أن يأتي بميتة السوء كالانتحار أو القتل.
أو قد يأتي بميتة الخير كالملبي والشهيد ويرجع ذلك كنتيجة لتغير نفسية العبد.
ففي صحيح البخاري :
حدثنا علي بن عياش الألهاني الحمصي حدثنا أبو غسان قال حدثني أبو حازم عن سهل بن سعد الساعدي قال نظر النبي (ص) إلى رجل يقاتل المشركين وكان من أعظم المسلمين غناء عنهم فقال من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إلى هذا فتبعه رجل فلم يزل على ذلك حتى جرح فاستعجل الموت فقال بذبابة سيفه فوضعه بين ثدييه فتحامل عليه حتى خرج من بين كتفيه فقال النبي (ص) إن العبد ليعمل فيما يرى الناس عمل أهل الجنة وإنه لمن أهل النار ويعمل فيما يرى الناس عمل أهل النار وهو من أهل الجنة وإنما الأعمال بخواتيمها.
وحديث الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال" قال رسول الله(ص) من قتل نفسه بحديده فحديديته في يده يجأ بها بطنه يوم القيامة في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ومن قتل نفسه بسم فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا وهذا الحديث ثابت في الصحيحين وكذلك رواه أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي(ص) بنحوه وعن أبي قلابة عن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه قال" قال رسول الله (ص) من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة وقد أخرجه الجماعة في كتبهم من طريق أبي قلابة وفي الصحيحين من حديث الحسن عن جندب بن عبد الله البجلي قال "قال رسول الله(ص) كان رجل ممن كان قبلكم وكان به جرح فأخذ سكينا نحر بها يده فما رقأ الدم حتى مات قال الله عز وجل عبدي بادرني بنفسه حرمت عليه الجنة .
الشاهد :
- في صحيح البخاري حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي يَعْلَى عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ خَطَّ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطًّا مُرَبَّعًا ثُمَّ خَطَّ وَسَطَهُ خَطًّا ثُمَّ خَطَّ حَوْلَهُ خُطُوطًا وَخَطَّ خَطًّا خَارِجًا مِنَ الْخَطِّ فَقَالَ هَذَا الإنسان لِلْخَطِّ الْأَوْسَطِ وَهَذَا الْأَجَلُ مُحِيطٌ بِهِ وَهَذِهِ الْأَعْرَاضُ لِلْخُطُوطِ فَإِذَا أَخْطَأَهُ وَاحِدٌ نَهَشَهُ الْآخَرُ وَهَذَا الْأَمَلُ لِلْخَطِّ الْخَارِجِ*.
وقال تعالى عن نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم (…أفإن مات أو قتل ) لبيان تدخل النفس.
الخلاصة :
في كتاب فيض القدير ج3 ص7: عن ابن مسعود قال الزين العراقي إسناده جيد: وقد جاء في الحديث الذي رواه مسلم " عن أبي مالك الأشعري قال"قال رسول الله(ص)كل الناس يغدو فبائع نفسه فموبقها أو معتقها "إنما يبعث الناس من قبورهم على نياتهم فمن مات على شيء بعث عليه إن خيرا فخير وإن شرا فشر".
رابعاً : الشقي أو السعيد من المقدرات على العبد
( ومكتوب بصحيفة الملك )
قال تعالى "هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن والله بما تعملون بصير".
وقال" بل ادارك علمهم في الآخرة بل هم في شك منها بل هم منها عمون" 66 النمل
وقال (ص)"عن أهل النار معروفين وأهل الجنة معروفين بدون أن تنقص الجنة زيادة ونقص".
فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال خرج علينا رسول الله (ص) وفي يده كتابان فقال أتدرون ما هذان الكتابان قلنا لا إلا أن تخبرنا يا رسول الله قال (ص) للذي في يمينه هذا كتاب من رب العالمين بأسماء أهل الجنة وأسماء آبائهم وقبائلهم ثم أجمل على آخرهم لا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أبدا ثم قال (ص) للذي في يساره هذا كتاب أهل النار بأسمائهم وأسماء آبائهم وقبائلهم ثم أجمل على آخرهم لا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أبدا فقال أصحاب رسول الله (ص) فلأي شيء نعمل إن كان هذا أمر قد فرغ منه قال رسول الله (ص) سددوا وقاربوا فإن صاحب الجنة يختم له بعمل أهل الجنة وإن عمل أي عمل وإن صاحب النار يختم له بعمل أهل النار وإن عمل أي عمل ثم قال (ص) بيده فقبضها ثم قال فرغ ربكم عز وجل من العباد ثم قال باليمنى فنبذ بها فقال فريق في الجنة ونبذ باليسرى وقال فريق في السعير وهكذا رواه الترمذي  والنسائي.
ويقول رسول الله (ص) :"يأهل النار خلود بلا موت أهل المعاصي" يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ(105)هود
النتيجة 
من هو الشقي ومن هو السعيد:
الشقي أو السعيد عند الفصل التام بين أهل الجنة المخلدون وبين أهل النار  المخلدون، أما قبل الفصل بينهما:-

&- أولاً: تنقص النار بمن يخرج منها من أهل المعاصي بالذنوب ليدخلون الجنة:
ففي قوله تعالى "فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد".
فأهل النار المخلدون هم فقط " الأشقياء "الذي حقت عليهم الضلالة للخلود فيها.
ويستثني من هذا الخلود في النار أهل المعاصي بالذنوب لقوله تعالى" إلا ما شاء ربك"  أي  إلا ما شاء الله من عباده المذنبين في إخراجهم من النار وهم من أهل المعاصي ليخرجون من النار ثم يدخلون الجنة بعد تمضية العقوبة بالنار ليكونوا من السعداء مخلدون في الجنة، ولولا هذا الاستثناء ( إلا ما شاء ربك ) لخلد كل من في النار جميعا وبنص الآية "إن ربك فعال لما يريد".
فكان عمر بن الخطاب يدعو" الله ما إن كنت كتبتني من أهل النار بشقوة بذنب فأمحها وكتبني من أهل الجنة" (تفسير بن كثير ج2 ص 520)، وقد أخبرنا المصطفى(ص) عن أخر رجل يخرج من النار إلى الجنة في الحديث "قال رسول الله (ص) "من كان في قلبه ذرة أيمان" ليدخل الجنة .
الشاهدتنقص النار بمن يخرج منها ليدخل الجنة فيكون الشقي عند الفصل التام بخروج أهل المعاصي من النار.

&- ثانياً:وتزيد الجنة بمن يزيد عليها من أهل المعاصي من بعد تمضية عقوبتهم في النار:
- قال تعالى" وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ " .
فأهل الجنة المخلدون هم " السعداء "الذي قضي الله لهم  بالخلود في الجنة  فيدخلوها يوم القيامة حيث قضى الله لهم  بالخلود فيها.
- ولكن الله قد أستثنى على من تخلف عنهم في الدخول للجنة ،أهل المعاصي بالذنوب ليلحقهم الأمر في الخلود أيضا في الجنة مع السعداء ليكونا منهم ، ولكن من بعد خروجهم من النار ولولا هذا الاستثناء"  إلا ما شاء الله " لما دخل آهل المعاصي الجنة بعد تمضية عقوبتهم بالنار ليلحق بهم الأمر ويشملهم بالخلود في الجنة  بقوله تعالى "عطاء غير مجذوذ".
الشاهدتزيد الجنة بمن يخرج من النار ليدخل الجنة فيكون سعيد من بعد دخول أهل المعاصي جميعا الجنة
الخلاصة: الشقي والسعيد :
يكونان عند الفصل التام بين أهل الجنة وبين أهل النار فهم المخلدون فيهما.
-وقد جاء في الصحيحين: يؤتى بالموت في صورة كبش أملح فيذبح بين الجنة والنار ثم يقال يا أهل الجنة خلود فلا موت ويا أهل النار خلود فلا موت وفي الصحيح أيضا فيقال يا أهل الجنة إن لكم أن تعيشوا فلا تموتوا أبدا وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا وإن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدا.
- فتعريف الشقي: هو المخلد في النار من بعد خروج أهل المعاصي من النار.
- وتعريف السعيد: فهو المخلد في الجنة ،وينضم إليهم أهل الشقوة بالذنوب فهم يكتبون من السعداء أيضا فمن بعد تمضية عقوبتهم في النار سيدخلون الجنة ليخلدوا فيها ليكونوا من السعداء ، فقد غلبت عليهم شقوتهم بالذنوب فدخلوا النار ليتطهروا فيها من الذنوب ، ثم من بعد تمضية عقوبتهم  يغسلون بماء الحياة ويدخلون الجنة ليكونوا من السعداء المخلدون في الجنة.
النتيجة :
أ‌- 1 - الشقي أو السعيد في صحيفة الملك:هو المقدر له الخلود في الجنة أو في الخلود في النار لتكون هذه حالته الأخيرة المسجلة عند الملك، أي بعد الفصل التام بين أهل الجنة المخلدون وبين أهل النار المخلدون لتسجل حالتهم الأخيرة فقط عند الملك (شقي أو سعيد ),
2- أما أهل المعاصي بالذنوب مسجلون من السعداء لخلودهم في الجنة من بعد أن يمضوا عقوبتهم في النار ثم يدخلون الجنة للخلود.
ب -لكن هل للنفس دور في الهدى بما قدر لها من جنة أو نار لقوله"والذي قدر فهدى"
يظهر ذلك في الحديث "حدثنا  ابن بشار ، قال : ثنا  عبد الرحمن  ، قال : ثنا  زائدة بن قدامة  ، عن  منصور  عن  سعد بن عبيدة  ، عن  أبي عبد الرحمن السلمي، عن  علي، قال :" كنا في جنازة في البقيع ، فأتانا رسول الله صلى  الله عليه وسلم  فجلس وجلسنا معه ، ومعه عود ينكت في الأرض في الأرض ، فرفع رأسه إلى السماء فقال :" ما منكم من نفس  منفوسة إلا قد كتب مدخلها،فمن كان من أهل السعادة فإنه يعمل للسعادة ،ومن كان من أهل الشقاء فإنه  يعمل للشقاء  فقال القوم : يا رسول الله ألا نتكل على كتابنا فقال : بل اعملوا فكل ميسر ، فأما  من كان من أهل السعادة فإنه ييسر لعمل السعادة ، وأما من كان من أهل الشقاء فإنه ييسر للشقاء ثم قرأ" فأما من أعطى واتقى* وصدق بالحسنى*فسنيسره لليسرى*وأما من بخل واستغنى*وكذب بالحسنى*فسنيسره للعسرى"الليل
&-الدلالة الأولى 
للحديث على ما قدر على العبد في حالة الخلود فقطبين الأشقياء وبين السعداء:يظهر ما قدرة الله تعالى على العباد ليكون العبد شقي أو سعيد: وهي حالت العبد النهائية في الخلود فأما أن يكون من أهل السعداء أي في الجنة مخلدا، أو من أهل الشقاء ليكون في النار مخلدا وذلك طبقاً لما قدره الله ، ولا تبديل ولا تغيير بين الفريقين في الخلود .
&- الدلالة الثانية :
مسئولية العبد في الاختيار ثم قرأ " فأما من أعطى واتقى * وصدق بالحسنى * فسنيسره لليسرى* وأما من بخل واستغنى*وكذب
بالحسنى * فسنيسره للعسرى "الليل .
أ- فالسعداء المخلدون :
- إذا كانت النفس تسعى إلى الخير فيسير العبد بهدى الله إلى التيسير لليسرى كنتيجة أختياره وسعيه للخير(فسنيسره لليسرى) كجزاء له ومن ثم كانت له الجنة مباشرة للخلود.
- أما إن كانت النفس تسعى إلى الشر فيسير العبد بهدى الله إلى التيسير للعسرى كنتيجة اختياره وسعيه للشر(فسنيسره للعسرى) كجزاء له ومن ثم كانت له النار ثم يخرج إلى الجنة للخلود
ب - أما الأشقياء المخلدون:
قال بن كثير (ج4 ص 83" ):قال بن أبي حاتم"عن …عن شهاب عن بن مسعود رضي الله عنه عن النبي(ص):قال"ما أحسن محسن من مسلم أو كافر إلا أثابه الله تعالى" قال قلنا يا رسول الله ما إثابة الله الكافر فقال إن كان قد وصل رحما أو تصدق بصدقة أو عمل حسنة أثابه الله تبارك وتعالى المال والولد والصحة وأشباه ذلك قلنا فما إثابته في الآخرة قال (ص):عذابا دون العذاب .
والحديث يظهر أيضا أثر تغير النفس في الهدى للوصول إلى ما قدره الله تعالى على النحو التالي :-
- فقد قدر الله لهذا الفريق بالشقاء المخلد في النار ولكن تغير النفس له الأثر في الوصول إلى ما قدره الله:-
*- فبضلالاتهم عن طريق الهدى يدخلوا النار مباشرة مخلدون قال تعالى ( أولئك الذين أشتروا الضلالة بالهدى) وقال تعالى (ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه).
*- وقال تعالى( إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدى من يضل وما لهم من ناصرين) فبعد أن عرفوا الحق على لسان الرسل ضلوا عن طريق الهدى  فحقت عليهم الضلالة بما قدر الله لهم في الأزل.
*- قال تعالى "وما تغنى الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون".
- ففي تفسير القرطبي (ج1 ص 210):
 لقوله( أولئك الذين أشتروا الضلالة بالهدى)قال أبن عباس أخذوا الضلالة وتركوا الهدى ومعناه أستبدلوا واختاروا الكفر على الإيمان - وفي تفسير بن كثير (ج4 ص 109): لقوله تعالى(ولو شاء الله لجعلهم أمة واحدة)  قال بن جرير حدثني يونس أخبرنا بن وهب أخبرني عمرو بن الحارس عن أبي سويد أنه حدثه عن بن حجيرة أنه بلغه أن موسى عليه الصلاة والسلام قال"يارب خلقك الذين خلقتهم جعلت منهم فريقا في الجنة وفريقا في النار لوما أدخلتهم كلهم الجنة فقال يا موسى ارفع درعك فرفع ، قال قد رفعت ، قال ارفع فرفع فلم يترك شيئا ، قال يا رب قد رفعت ، قال ارفع ، قال قد رفعت إلا ما لا خير فيه ، قال كذلك أدخل خلقي كلهم الجنة إلا ما لا خير فيه " .
الخلاصة:
للنفس دور فيما قدره الله على عباده حيث خلق الله العقل ليكون مخيرا فيما قدر له .
- قال تعالى" للذين استجابوا لربهم الحسنى والذين لم يستجيبوا له لو أن لهم ما فى الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به أولائك لهم سوء الحساب ومأواهم جهنم وبئس المهاد أفمن يعلم أنمآ أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولوا الألباب الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق والذين يصلون مآ أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلواة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرءون بالحسنة السيئة أولائك لهم عقبى الدار جنات عدن يدخلونها ومن صلح من ءابائهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار "
- وقال الإمام أحمد "حدثنا يونس وسريج قالا حدثنا فليح عن هلال بن علي عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال قال رسول الله (ص) كل أمتي تدخل الجنة يوم القيامة إلا من أبى قالوا ومن يأبى يا رسول الله قال من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى رواه البخاري.
النتيجة :
قدر الله أهل الجنة السعداء وأهل النار الأشقياء ولكن النفس لها دور فيما قدر لها:-
&- فأهل الجنة أذا أتبعوا هدي الله لفازوا بالجنة  التي قدرها الله لهم مباشرة ،ولكن إن خرجوا عن هدية كانت النار جزاء لهم ومن ثم يخرجون من النار ويتطهرون بماء الحياة ليدخلوا الجنة ليكونوا سعداء مخلدون بالجنة بما قدر لهم .

&- أما الكفار فقد حقت عيهم الضلالة 
بخروجهم عن هدي الله فحقت عليهم النار الذي كان قد قدرها الله لهم ليكونوا هم الأشقياء المخلدون في النار فيما قدر لهم.
- لقوله"بل ادارك علمهم في الآخرة بل هم في شك منها بل هم منها عمون"   النمل
-قال أبو داود " حدثنا عبد الله بن محمد الزهري حدثنا سفيان حدثني إسماعيل بن أمية سمعت أعرابيا يقول سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله (ص) من قرأ منكم بالتين والزيتون فانتهى إلى آخرها ( أليس الله بأحكم الحاكمين ) فليقل بلى وأنا على ذلك من الشاهدين ومن قرأ ( لا أقسم بيوم القيامة ) فانتهى إلى قوله ( أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى ) فليقل بلى ومن قرأ ( والمرسلات ) فبلغ ( فبأي حديث بعده يؤمنون ) فليقل آمنا بالله
تابع  الجزء الثاني لموضوع / ما هو الفارق بين القضاء وبين القدر


ثانيا (القضاء) 
ودور النفس وعلاقتها في ما قدره الله تعالى على عباده

لمعرفة القضاء الذي يختلف عن القدر يجب أن نوضح المصطلحات التالية:
&- ماهو التشريع الآلهي:
هو سن القوانين والأحكام الإلهية: فالله جل جلاله هو المشرع يسن من السنن والأحكام والجزاءات في كونه .
- قال تعالى"شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى قال تعالى " أن أقيموا الدين و لا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ماتدعوهم إليه الله يجتبى إليه من يشاء ويهدى إليه من ينيب"الشورى
& - ماهو القضاء : هو الفصل بتطبيق الأحكام المشرعة على الوقائع .
- قال تعالى " أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(21)الشورى
- حيث  قضى الله في الأزل بأحكام"جعل عليها:
- الجزاء بالخير على من أمتثل لأحكامه
- والجزاء بالعقاب على من لم يمتثل لأحكامه.
قال تعالى" وما كان لمؤمن ولا مؤمنه إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا "الأحزاب
- وفي الحديث : قال (ص) ( عجبا للمؤمن لا يقضي الله له قضاء إلا كان خيرا له إن أصابته ضراء فصبر فكان خيرا له وإن أصابته سراء فشكر فكان خيرا له وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ) .
الخلاصة :- في صحيح البخاري ج 4 ص1742 : جاء لفظ "القضاء" بعدة وجوه  في باب تفسير الكتاب:قال:"وَالْقَضَاءُ عَلَى وُجُوهٍ :
&- ( وَقَضَى رَبُّكَ ) أَمَرَ رَبُّكَ وَمِنْهُ الْحُكْمُ ( إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ )،
&- وَمِنْهُ الْخَلْقُ ( فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ ) خَلَقَهُنَّ ،
&- ( وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ ) أَخْبَرْنَاهُمْ أَنَّهُمْ سَيُفْسِدُونَ.(انتهى).
- وفي كتاب فتح الباري ج8 ص 389: قال " والقضاء على وجوه قضى ربك أمر ومنه الحكم ان ربك يقضي بينهم ومنه الخلق فقضاهن سبع سماوات خلقهن قال أبو عبيدة في قوله وقضينا إلى بني إسرائيل أي أخبرناهم وفي قوله وقضى ربك أي أمر وفي قوله إن ربك يقضي بينهم أي يحكم وفي قوله فقضاهن سبع سماوات أي خلقهن وقد بين أبو عبيدة بعض الوجوه التي يرد بها لفظ القضاء وأغفل كثيرا منها واستوعبها إسماعيل بن أحمد النيسابوري في كتاب الوجوه والنظائر فقال لفظه قضى في الكتاب العزيز جاءت على خمسة عشر وجها…انتهى
& -ما هوالجزاء:هو الأمر النافذ لما قضى به الله في الأزل من قضاء،ليجزى به العباد (طبقا لمواقفهم بثوابهم أو بعقابهم) .
(حيث شرع الله من أحكام توافق لما يحبه أو يبغضه من تصرفات لعباده).
الشاهد:
- قال تعالى " ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى".
- قال تعالى ( ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط ) ( والذين كفروا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون) وقال ( ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ) الآية ( إن الله سريع الحساب )
- ويكون نزول هذا الجزاء بالخير أو بالعقاب كنتيجة لموقف العبد، فالعبد مسئولا عن الاختيار بين طريق الهدي أو الضلالة عن الهدي قال تعالى "وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى(39)النجم.
الخلاصة :
خلق اللهYالخلق وقدر أقدارهم المقدرة وجعل الهدي لتلك الأقدار متوقفاً على نفسية عباده كنتيجة لاختيارهم قال تعالى"والذي قدر فهدى"كما سبق شرحه، فأما أن تأتيهم مقدراتهم  المقدرة بالاهتداء  أليها بطريق التيسير أو يضلوا عن طريق التيسير فتأتيهم مقدراتهم بطريق التعسير طبقا لنفسيتهم .
- ولكون الإنسان خلقه الله عاقلا مخيرا قال تعالى "وهدينه النجدين " فقد سبق علمه من الرسل المرسلة فيما يحبه الله ويرضاه من عباده، وفيما يبغضه ونهى عنه ولا يرضاه من عباده .
فيكون العبد مسئولا عما جلبه لنفسه من تيسير أو تعسير كنتيجة لتغير نفسه ، فمن الإيمان والتقوى والتصديق بهدى الله،  إلى التكذيب والتولي عن نهج الله  ، فيكون لتغير النفس  الأثر في طريق الاهتداء لقدره المقدر : فأما أن يهتدي لقدره المقدر بطريق التيسير أو بضلالته عن طريق التيسير ليأخذ قدره المقدر ولكن بطريق التعسير كنتيجة لاختياره، قال تعالى "وهديناه النجدين". (فمسار الطريق كان كنتيجة الاختيار للعبد بين طريق الهدي وبين طريق الضلالة على الهدي )
النتيجة : ينظر الله تعالى لموقف العبد فيما قدره عليه من أقدار جعل هديها و الضلالة عن هديها كنتيجة متوقفة على اختيار العبد في نفسيته وسعيه ، فهل سيكون العبد شاكرا أما كفورا .
- قال تعالى ( إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا)،
- فعند شكر العبد:
- أو عند كفره على ماقدره الله له:
سيجد العبد جزاءان قد قضى الله بهما على العبد على موقفه :
&- الأول:
قضى الله بالثواب بالخير لو أن العبد قد شكر على نعم الله التي قدرها له .
فإن كان العبد قد أعطى وأتقى وصدق بالحسنى ،جاءت مقدراته بالتيسير.
فإن شكر العبد ربه على ما قدره الله له من المقدرات فسنجد أن الله قد قضى له في الأزل بالخير والثواب والزيادة في الخير لاهتدائه لطريق التيسير الذي يسره له الله.
الشاهد: قال تعالى"… وإذ تأذن ربكم لإن شكرتم لأزيدنكم ولإن كفرتم إن عذابى لشديد"7إبراهيم
&- والثاني:
 قضى الله بالعقاب لو أن العبد قد كفر وجحد بنعم الله التي قدرها له
- فإن كان العبد قد كذب وتولى ، و كفر وجحد على ما قدره له ربه فنجد أن الله قد قضى له في الأزل بالعقاب والنقص والحرمان في مقدراته لضلالته عن طريق التيسير.
الشاهد : قال تعالى "وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون".
- وفى الحديث "….. وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِخَطِيئَةٍ يَعْمَلُهَا.
النتيجة:
ما قضي به الله على العبد بالجزائيين (بالثواب أو بالعقاب) مكتوبين سويا للعبد في الكتاب ، لينزل أحدهما على العبد طبقا لما يتناسب مع موقف العبد عند شكره أو عند جحده على ما قدره الله له بطريق التيسير أو بطريق التعسير،وبنزول أحد الجزائيين يكون قد قابل اختيار العبد:
- فعند شكر العبد (فيكون الجزاء له بالثواب المقدر)
- وعند جحده وكفره (فيكون الجزاء بالعقاب المقدر )
الشاهد : على ما قضى به الله على عباده في الأزل بالثواب وبالعقاب معا في الكتاب ونزول أحدهما كنتيجة لتغير نفسية العبد لهدية أو لضلالته عن هديه :
أ‌-- - قال تعالى " …. يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ(39)الرعد
فقد ثبت المحو و الأثبات في ما قضي به الله  تعالى من جزاء على عباده ، ولكن دون الكتابة من جديد لسبق كتابة ما قضى به الله في الكتاب من ثواب وعقاب معاً.
- قال الليث بن سعد عن زيادة بن محمد, عن محمد بن كعب القرظي, عن فضالة بن عبيد, عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله(ص):"يفتح الذكر في ثلاث ساعات يبقين من الليل,في الساعة الأولى منها ينظر في الذكر الذي لا ينظر فيه أحد غيره فيمحو ما يشاء ويثبت"وذكر تمام الحديث,رواه ابن جرير.، والمراد من الآية أنه يمحو ما يشاء فيكون كالعدم ويثبت ما يشاء مما فيه فيجري به قضاءه وقدره حسب
ما تقتضيه مشيئته وهذا لا ينافي ما ثبت عنه (ص) من قوله جف القلم" وذلك لأن المحو والإثبات هو من جملة ما قضاه الله سبحانه وتعالى.
وفي تفسير الطبري:حدثنا عمرو بن علي قال ثنا سهل بن يوسف قال ثنا سليمان التيمي  عن عكرمة في قوله يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب قال الكتاب كتابان كتاب يمحوا الله منه ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب، حدثني المثنى قال ثنا الحجاج قال ثنا حماد عن أبي حمزة عن إبراهيم أن كعبا قال لعمر رضي الله عنه يا أمير المؤمنين لولا آية في كتاب الله لأنبأتك ما هو كائن إلى يوم القيامة قال وما هي قال قول الله "يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب "
قال آخرون بل معنى ذلك أنه يمحو كل ما يشاء ويثبت كل ما أراد.
القرطبي :حدثنا أحمد قال ثنا أبو أحمد قال ثنا سفيان عن منصور عن مجاهد قال ثنا سعيد بن سلمان قال ثنا شريك عن منصور عن مجاهد يمحو الله ما يشاء ويثبت قال ينزل الله كل شيء في السنة في ليلة القدر فيمحو ما يشاء من الآجال والأرزاق والمقادير إلا الشقاء والسعادة فإنهما ثابتان .
الطبري:حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ثنا محمد بن ثور قال ثنا المعتمر بن سليمان عن أبيه قال ثني رجل عن أبيه عن قيس بن عباد أنه قال العاشر من رجب هو يوم يمحو الله فيه ما يشاء
- قال ثنا معاذ بن هشام قال ثنا أبي عن أبي حكيمة عن أبي عثمان النهدي أن عمر بن الخطاب قال وهو يطوف بالبيت ويبكي اللهم إن كنت كتبت علي شقوة أو ذنبا فامحه فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب فاجعله سعادة ومغفرة(بن كثير ج2 ص 520).
-وفي تفسير بن كثير:لقوله (إنا أنزلناه في ليلة مباركة)الآيتين قال يقضي في ليلة القدر ما يكون في السنة من رزق أو مصيبة ثم يقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء فأما كتاب السعادة والشقاوة فهو ثابت لا يغير .
- وقال بن جرير حدثني المثنى حدثنا حجاج حدثنا خصاف عن أبي حمزة عن إبراهيم أن كعبا قال لعمر بن الخطاب يا أمير المؤمنين لولا آية في كتاب الله لأنبأتك بما هو كائن إلى يوم القيامة قال وما هي قال قول الله تعالى(يمحو الله ما يشاء) ومعنى هذه الأقوال أن الأقدار ينسخ الله ما يشاء منها ويثبت منها ما يشاء.
- حدثنا بن بشار قال ثنا بن أبي ليلى عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن بن عباس في قوله يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب قال كل شيء غير السعادة والشقاء فإنهما قد فرغ منهما.
- وفي تفسير القرطبي لقوله تعالى "فيها يفرق كل أمر حكيم (4) الدخان :قال وقيل: إلا الشقاء والسعادة فإنهما لا يتغيران, قاله ابن عمر.(انتهى)
ب‌- وثبت في الصحيح"إن الدعاء والقضاء ليعتلجان بين السماء والأرض
النتيجة : عند شكر العبد أو عند كفره على ما قدره الله له ،سيجد العبد جزاءان قد قضى الله بهما على العبد على موقفه.
وبقانون المحو والإثبات(دون الكتابة من جديد لسبق الكتابة في الكتاب) يتغير المسار لما قضى به الله لينزل على العبد بما يتناسب مع موقف العبد عند شكره أو عند جحده وكفره.
- قال تعالى "وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى(39)النجم.
&- فقضاء الله على العبد( بالثواب ):
- سيكون الثواب كنتيجة لاهتداء العبد( حيث أعطي وأتقى وصدق بالحسنى) فأخذ مقدراته من التيسير،فشكر منعمه فأثابه الله بما قضي له من ثواب كنتيجة لشكر العبد .
الشاهد:
- قال تعالى"لو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون".
- وقوله تعالى (ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل ومآ أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم )ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة أن أهل الكتاب لو أطاعوا الله وأقاموا كتابهم بإتباعه والعمل بما فيه ليسر الله لهم الأرزاق وأرسل عليهم المطر وأخرج لهم ثمرات الأرض وبين في مواضع أخر أن ذلك ليس خاصا بهم كقوله عن نوح وقومه( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا ).
- وقوله عن هود وقومه (ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم )
- وقوله عن نبينا عليه الصلاة والسلام وقومه ( وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى )
- وقوله تعالى (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب )
- وقوله تعالى ( من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحييه حياة طيبة )
- وقال تعالى (والذين اهتدوا زادهم هدى )
&- وأما أن كان قضاء الله على العبد (بالعقاب):
- فسيكون كنتيجة لعدم اهتداء العبد فقد ضل وتولى عن طريق التيسير (كذب وتولى ) فأخذ مقدراته من التعسير،فكفر وجحد على منعمه فعاقبه الله بما قضي له من عقاب في الأزل كنتيجة لضلالة العبد عن هديه وكفره بالمنعم.
- والشاهد بأن ماقضى به الله مكتوب منذ الأزل في تفسير بن كثير:
قال بن جرير حدثني يعقوب حدثني بن علية عن منصور بن عبد الرحمن قال كنت جالسا مع الحسن فقال رجل سله عن قوله تعالى( ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها ) فسألته عنها فقال سبحان الله ومن يشك في هذا كل مصيبة بين السماء والأرض ففي كتاب الله من قبل أن يبرأ النسمة.
- أما الشاهد بأن القضاء بالجزاء مكتوب بين المحو والأثبات ليلاقي موقف العبد :
- قال تعالى " …قل كل من عند الله فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك وأرسلناك للناس رسولا وكفى بالله شهيدا"
- وقال"فعصي ادم ربه فغوى"فلحقه الإغواء للمعصية وإن تاب بعدها ادم عليه السلام - وقال تعالى في قول الشيطان " ربي بما أغويتني …" حيث  أتبعه أمر الإغواء كنتيجة لمعصيته بعدم تنفيذ آمر الله بالسجود لأدم عليه السلام.
- وقال"ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى ….الخ = وقال تعالى " ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين
- "وقال" … إنه يراكم هو وقبيلة من حيث لا ترونهم إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون" الأمر بتقييد شيطان لمن يعش عن ذكر الرحمن .
- وقال تعالى" وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون"
- وقوله"وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى
ومفهوم الآية أن معصية الله تعالى سبب لنقيض ما يستجلب بطاعته وقد أشار تعالى إلى ذلك بقوله ( ظهر الفساد فى البر والبحر بما كسبت أيدى الناس ) ونحوها من الآيات
- قال تعالى"….وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم فإن الإنسان كفور" 48الشورى
- قال تعالى "وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ".
الشاهد :
- في تفسير بن كثير ج2 ص 520 : قال بن جرير حدثني المثنى حدثنا حجاج حدثنا خصاف عن أبي حمزة عن إبراهيم أن كعبا قال لعمر بن الخطاب يا أمير المؤمنين لولا آية في كتاب الله لأنبأتك بما هو كائن إلى يوم القيامة قال وما هي قال قول الله تعالى ( يمحو الله ما يشاء ) الآية ومعنى هذه الأقوال أن الأقدار ينسخ الله ما يشاء منها ويثبت منها ما يشاء وقد يستأنس لهذا القول بما رواه الإمام أحمد 5277 حدثنا وكيع حدثنا سفيان هو الثوري عن عبد الله بن عيسى عن عبد الله بن أبي الجعد عن ثوبان قال قال رسول الله (ص) إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه ولا يرد القدر إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر ورواه النسائي وبن ماجة من حديث سفيان الثوري به وثبت في الصحيح أن صلة الرحم تزيد في العمر وفي حديث آخر إن الدعاء والقضاء ليعتلجان بين السماء والأرض
- وقال بن جرير حدثني محمد بن سهل بن عسكر حدثنا عبد الرزاق أنا بن جريج عن عطاء عن بن عباس قال إن لله لوحا محفوظا مسيرة خمس مئة عام من درة بيضاء لها دفتان من ياقوت والدفتان لوحان لله عز وجل كل يوم ثلاث مئة وستون لحظة يمحو ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب
- وقال الليث بن سعد عن زيادة بن محمد عن محمد بن كعب القرظي عن فضالة بن عبيد عن أبي الدرداء قال قال رسول الله (ص) يفتح الذكر في ثلاث ساعات يبقين من الليل في الساعة الأولى منها ينظر في الذكر الذي لا ينظر فيه أحد غيره فيمحو ما يشاء ويثبت وذكر تمام الحديث رواه بن جرير وقال الكلبي يمحوا الله ما يشاء ويثبت قال يمحو من الرزق ويزيد فيه ويمحو من الأجل ويزيد فيه فقيل له من حدثك بهذا فقال أبو صالح عن جابر بن عبد الله بن رباب عن النبي (ص)
الخلاصة :
جعل الله تعالى أمره بالجزاء في ما قضى به في الأزل (من ثواب أو من عقاب)  على العبد بين المحو والإثبات( إلا في خلود العبد كشقي أو سعيد فلا تبديل ولا تغيير لصراحة الحديث السابق ذكره بأن أهل النار مكتوبين وأهل الجنة مكتوبين .
ويأتي قضاء الله بوقوع الجزاء على العبد في الصور التالية :-
1- وقوع الجزاء في حال الحياة الدنيا كسنة كونية : بأن يكون ما قضى الله به من جزاء بوقوعه على العبد كسنة كونية وذلك في حال الحياة الدنيا.
2- وقوع الجزاء في حال الآخرة كعقاب: بأن يكون ما قضى الله به من جزاء على العبد  مؤجلا في حال الآخرة.
3-  وقوع الجزاء على العبد بمن أستخلفهم الله في تنفيذ أحكامه كالأنبياء والعلماء والحكام.وسوف نستعرض النقاط السابقة  في الأبواب التالية:
أولا:  وقوع الجزاء على العبد  في حال الحياة الدنيا
كسنة كونية قال تعالى ".. وهو القاهر فوق عباده".

- في سنن الدارمي : حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ أَبِي السَّفَرِ وَاسْمُهُ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَمْدَانِيُّ الْكُوفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ عَلِيٍّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَصَابَ حَدًّا فَعُجِّلَ عُقُوبَتَهُ فِي الدُّنْيَا فَاللَّهُ أَعْدَلُ مِنْ أَنْ يُثَنِّيَ عَلَى عَبْدِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الْآخِرَةِ وَمَنْ أَصَابَ حَدًّا فَسَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَفَا عَنْهُ فَاللَّهُ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ يَعُودَ إِلَى شَيْءٍ قَدْ عَفَا عَنْهُ قَالَ أَبمو عِيسَى وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَهَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا كَفَّرَ أَحَدًا بِالزِّنَا أَوِ السَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ*. جاء لفظ القضاء بعدة وجوة  في باب تفسير الكتاب في صحيح البخاري وسبق الإشارة إليه قال: " وَالْقَضَاءُ عَلَى وُجُوهٍ ( وَقَضَى رَبُّكَ ) أَمَرَ رَبُّكَ وَمِنْهُ الْحُكْمُ ( إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ ).
- وفي الحديث : قال (ص) ( عجبا للمؤمن لا يقضي الله له قضاء إلا كان خيرا له إن أصابته ضراء فصبر فكان خيرا له وإن أصابته سراء فشكر فكان خيرا له وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ) .
الشاهد :
- المشرع هو الله تعالى أسن الأحكام في كونه وقضى بها على الوقائع بالجزاء في الأزل
- بالثواب عند الطاعة
- وبالعقاب عند المعصية
- ونزول الجزاء من عدمه يكون كنتيجة لموقف العبد، ليتحول المسار بين المحو والإثبات في نزول قضاء الله.
أ - قضاء الله بالجزاء كنتيجة لأسباب موجبة من العبد.
ب - قضاء الله بالجزاء قد يكون غير مرتبط بأسباب موجبة من العبد لنزول البلاء
أ- قضاء الله بالجزاء كنتيجة لأسباب موجبة من العبد
- قد يكون قضاء الله النازل بالجزاء على العبد كنتيجة لأسباب موجبة من العبد لنزول ما قضى به الله في الأزل من ثواب أو عقاب على العبد،فيكون تحول المسار بين المحو والإثبات في نزول القضاء من عدمه كنتيجة لموقف العبد.
- فمن الأمثلة لأمر الكلمة "كن" قال تعالى"كذلك حقت كلمة ربك على الذين فسقوا أنهم لا يؤمنون"
- وقال تعالى " إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جآءتهم كل ءاية".
- قال تعالى(فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة).
قال تعالى ( إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدى من يضل وما لهم من ناصرين).

أولا:أرتباط قضاء الله بأسباب موجبة من العبد(لنزول ما قضى به الله في الأزل):
فقد يكون الأمر النازل  الذي قضى به الله في الأزل على العبد ( من ثواب وعقاب ) مرتبط  بأسباب موجبه من العبد لنزول قضاءه.
&-  ففي ما قضى به الله من ثواب :قال" وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ(30) النحل
- قال تعالى"..فالتقمه الحوت وهو مليم فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون".
- فنزول ما قضى به الله من حسنه يكون بين المحو والإثبات متوقف نزولها على تصرف العبد.
- وكقول نوح عليه السلام قال تعالى (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السمآء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا)
- وقول نبينا (ص) قال تعالى(وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى).
&- أما في ما قضى به الله من عقاب : قال تعالى "وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون".
الخلاصة :
نزول ما قضى به الله من جزاء يكون بين المحو والإثبات متوقف نزوله على تصرف العبد .
ومن أنواع القضاء بالجزاء:
1 - فقد يكون ما قضى به الله في الأزل من جزاء يكون بهدف الهلاك والموت كنتيجة لتصرف العباد:
الشاهد:
- قال تعالى" وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنْ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ(36)النحل
- "وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ "
- " فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنْ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ"الأعراف .
- وقال تعالى "وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا ".
- وقال تعالى" قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة هل يهلك إلا القوم الظالمون"
- وقال تعالى "وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ".
- وقال تعالى ( فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون)
- فسنة الله فيما أسنه من حكم في كونه بأن الكفار لا ينفعهم الإيمان إذا رأوا العذاب وأن التوبة لا تقبل منهم بعد رؤية العذاب وحصول العلم الضروري، قال تعالى "…. يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا قل انتظروا إنا منتظرون"
أستثناء : قال تعالى" …حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جآءتهم كل ءاية حتى يروا العذاب الا ليم فلولا كانت قرية ءامنت فنفعهآ إيمانها إلا قوم يونس لمآ ءامنوا كشفنا عنهم عذاب الخزى فى الحيواة الدنيا ومتعناهم إلى حين " يونس 98
ملاحظة : وجود الإنذار قبل حلول العقاب بالهلاك:
- فالإنذار مرحلة سابقة تأتي من بعدها العقوبة كنتيجة لتصرف العباد قال تعالى"وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ"، وقال تعالى " ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون".
- وقال تعالى "وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون"208 الشعراء
- وقال "وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ.
- "وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ"
- وقال "… وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا" وقال تعالى"… رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل.."النساء
2 - وقد يكون ما قضى به الله في الأزل من جزاء بهدف رجوع  العباد للحق :
- "ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ"
- وقال تعالى " …. وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ". " أنتهى"
3- وقد يكون ما قضى به الله في الأزل من جزاء بهدف القصاص:
- قال تعالى:"أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(165)
- قال تعالى " …قل كل من عند الله فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا  ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك وأرسلناك للناس رسولا وكفى بالله شهيدا"
- قال تعالى "وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ".
- حدثنا قتيبة حدثنا حماد بن زيد عن عاصم بن بهدلة عن مصعب بن سعد عن أبيه قال قلت يا رسول الله أي الناس أشد بلاء قال الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل فيبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان دينه صلبا اشتد بلاؤه وإن كان في دينه رقة ابتلى على حسب دينه فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشى على الأرض ما عليه خطيئة قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وفي الباب عن أبي هريرة وأخت حذيفة بن اليمان أن النبي (ص) سئل أي الناس أشد بلاء قال الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل
- حدثنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا يزيد بن زريع عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله (ص) ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله وما عليه خطيئة قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح
النتيجة :
- قال تعالى"ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد" 182آل عمران
- قال تعالى ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ) قال السدي والحسن البصري وبن جريج وبن زيد ( فمن نفسك ) أي بذنبك وقال قتادة في الآية ( فمن نفسك ) عقوبة لك يا بن ادم بذنبك قال وذكر لنا أن النبي (ص) قال لا يصيب رجلا خدش عود ولا عثرة قدم ولا اختلاج عرق إلا بذنب وما يعفو الله أكثر وهذا الذي أرسله قتادة قد روى متصلا في الصحيح 2573 والذي نفسي بيده لا يصيب المؤمن هم ولا حزن ولا نصب حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله عنه بها من خطاياه وقال أبو صالح ( وما أصابك من سيئة فمن نفسك ) أي بذنبك وأنا الذي قدرتها عليك رواه بن جرير.

ب- قضاء الله بالجزاء قد يكون غير مرتبط بأسباب
موجبة من العبد لنزول البلاء

- قال تعالى"كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ(35)الأنبياء   حيث جاء قضاء الله للاختبار لعبادة الموحدين ليأتي على سبيل الرحمة وليس العقاب قال تعالى:"ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين" فجاء اللفظ"بشيء "وليس بكل :ككل الخوف ، وكل النقص في الأموال وكل النقص في الثمرات وكل النقص في الأنفس)  فجاء على سبيل الرحمة وللاختبار فقط وليس على سبيل العقاب والهلاك ،قال تعالى" ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم"
- وقال تعالى "الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور".
- قال تعالى "أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين "أنكر الله جل جلاله ، في هذه الآية على من ظن أنه يدخل الجنة دون أن يبتلى بالتكاليف التي يحصل بها الفرق بين الصابر المخلص في دينه وبين غيره وأوضح هذا المعنى في آيات متعددة كقوله تعالى" أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول…"الآية،وقوله تعالى ( الم " أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ) وقوله ( أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة والله خبير بما تعملون.
- وقد تنزل المصائب بذنوب الغير كما قال (ص) وقد سئل أنهلك وفينا الصالحون قال
( نعم إذا كثر الخبث) (القرطبي ج 9 ص 296) والله أعلم
الخلاصة: 
ما قضى به الله من خير أو من ضر في الأزل، قد يكون مرتبط  بأسباب موجبه من العبد لنزول قضاءه تعالى: فالمشرع هو الله تعالى أسن الأحكام في كونه وقضى بالجزاء لتوافق ما يحبه في كونه وتنهى عما يبغضه.
النتيجة:
ما قضى به الله من خير أو من ضر ، قد يكون مرتبط  بأسباب موجبه من العبد لنزول قضاءه تعالى أو لا يكون مرتبط بأسباب موجبة من العبد ، فالمشرع هو الله تعالى أسن الأحكام في كونه وقضى بالجزاء عليها لتوافق ا يحبه في كونه وتنهى عما يبغضه،وما قضى به الله في الأزل من خير أو من ضر على العبد فنزوله يكون بتحول المسار بين المحو والأثبات كنتيجة لتصرف العباد.
- وفي تفسير القرطبي:لقوله تعالى( فمن شاء اتخذ إلى ربه مآبا ) أي مرجعا بالعمل الصالح كأنه إذا عمل خيرا رده إلى الله عز وجل وإذا عمل شرا عده منه وينظر إلى هذا المعنى قوله عليه السلام (والخير كله بيديك والشر ليس إليك)
والسؤال هل ما قضى به الله من جزاء بثواب العبد أو بعقابه كنتيجة لتصرف العبد ( بين المحو والإثبات ) يشمل هذا القضاء بالجزاء على المقدرات للعباد التي لا تزيد ولا تنقص بصحيفة الملك .حيث قدر الله للناس أقدارها من رزق، وأجل، وعمل، وسعيد أم شقي .
وذلك ما سوف نبحثه في الباب التالي :هل ما قضى به الله من جزاء يشمل المقدرات التي لا تتغير بصحيفة الملك ؟


هل ما قضى به الله من جزاء يشمل المقدرات
التي لا تتغير بصحيفة الملك
سبق وأن عرفنا بأن ما قضى به الله من خير أو من ضر ، قد يكون مرتبط  بأسباب موجبه من العبد لنزول قضاءه تعالى وقد لا يكون ما قضى به الله مرتبط بأسباب موجبة من العبد، فالمشرع هو الله تعالى أسن الأحكام في كونه وقضى بالجزاء عليها لتوافق ما يحبه في كونه وتنهى عما يبغضه،  فما قضى به الله في الأزل من خير أو من ضر على العبد فنزولة يكون بتحول المسار بين المحو والأثبات كنتيجة لتصرف العباد.
- أما المقدرات المكتوبة في صحيفة الملك فجاءت بأنها لا تزيد فيها ولا تنقص لصراحة الأحاديث.
ففي الحديث عن ما قدره الله تعالى لعباده :- في صحيح مسلم  عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ حُذَيْفَةَ ابْنِ أَسِيدٍ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ (ص):" يدخل الملك على النطفة بعدما تستقر في الرحم بأربعين، أو خمس وأربعين ليلة، قيقول: يا رب أشقي أم سعيد؟ فيكتبان، فيقول: أي رب أذكر أم أنثى؟ فيكتبان، ويكتب عمله وأثره وأجله ورزقه، ثم تطوى الصحف فلا يزاد فيها ولا ينقص".
- ولكن الشاهد بأن المقدرات مكتوبة في صحيفة الملك بمسارات متعددة تتعرض للمحو والإثبات بين تلك المسارات بدون التغير أو التعديل على ما بداخل كل مسار ، وذلك على النحو التالي :
ففي تفسير بن كثير : لقوله(إنا أنزلناه في ليلة مباركة) قال يقضيفي ليلة القدر ما يكون في السنة من رزق أو مصيبة ثم يقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء فأما كتاب السعادة والشقاوة فهو ثابت لا يغير.
- وقال بن جرير حدثني المثنى حدثنا حجاج حدثنا خصاف عن أبي حمزة عن إبراهيم أن كعبا قال لعمر بن الخطاب يا أمير المؤمنين لولا آية في كتاب الله لأنبأتك بما هو كائن إلى يوم القيامة قال وما هي قال قول الله ( يمحو الله ما يشاء ) الآية ومعنى هذه الأقوال أن الأقدار ينسخ الله ما يشاء منها ويثبت منها ما يشاء.
-القرطبي :حدثنا أحمد قال ثنا أبو أحمد قال ثنا سفيان عن منصور عن مجاهد قال ثنا سعيد بن سلمان قال ثنا شريك عن منصور عن مجاهد يمحو الله ما يشاء ويثبت قال ينزل الله كل شيء في السنة في ليلة القدر فيمحو ما يشاء من الآجال والأرزاق والمقادير إلا الشقاء والسعادة فإنهما ثابتان .
الطبري :حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ثنا محمد بن ثور قال ثنا المعتمر بن سليمان عن أبيه قال ثني رجل عن أبيه عن قيس بن عباد أنه قال العاشر من رجب هو يوم يمحو الله فيه ما يشاء
النتيجة: قضاء الله بالجزاء  في الثواب والعقاب نافذ أيضا على مقدرات العباد فهو بين المحو والأثبات كنتيجة لتصرفاتهم ماعدا الشقي والسعيد وسوف نستعرض ذلك تفصيليا لدور ماقضى به الله على المقدرات :

1-  دور النفس في ما قضى به الله على الأرزاق
"فالرزق مقدر للعبد في صحيفة الملك"
" يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ(39)الرعد


- سبق وأن بينا بأن الأرزاق من المقدرات التي قدرها الله وكفلها لعباده "لا نريد منكم رزقا "" نحن نرزقكم… " ومع كون الأرزاق مقسومة في مقدارها ولا تزيد أو تنقص فيما قدر للعبد سواء حصل عليها العبد بهدى التيسير أو بهدى التعسير كنتيجة لتغير النفس في سعيها للحصول على ما قدره الله، قال تعالى"فأما من أعطى وأتقى وصدق بالحسنى سنيسره لليسرى أما من كذب….العسرى"الليل)
- إلا أنها مكتوبة  أيضا بالمنع منها كعقاب في مسار و بالزيادة عليها كثواب في مسار آخر.
- وبقانون المحو والإثبات بين المسارات،( محو لمسار ، واثبات لمسار آخر للمضي فيه)يتم التحول كنتيجة لتدخل العبد بتصرفه،قال تعالى" إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم …الآية.
- فالتغير وارد بين المسارات ولكن دون أن تتغير الأرزاق المقدرة بداخل كل مسار بالنقص أو بالزيادة
الشاهد :
قال تعالى " يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ(39)الرعد
أ – فقضاء الله قد يكون بالحرمان من الرزق المقدر أو النقص فيه:
- فيكون متوقف النهج في مساره على أسباب من العبد ليمحى مسار الرزق المقدر وأثبات المسار الجديد بالحرمان أو النقص من الرزق. " يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ(39)الرعد
- فقد سبق وأن أوضحنا بأن الإنسان مخيرا في السعي قال تعالى "إن سعيكم لشتى"وقوله ( فإذا جآءت الطآمة الكبرى يوم يتذكر الإنسان ما سعى) لكون الإنسان مخيرا في السعي ثم يأتي هدى الله" والذي قدر فهدى " للحصول على الرزق المقدر أما من التيسير أو من التعسير كنتيجة تتطابق مع تغير النفس وسعيها قال تعالى (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى
فالسعي من الأسباب المرتبطة مع الرزق المقدر فقد أمر الله تعالى عباده بأن يمشوا في مناكب الدنيا للسعي فيها والعمل على أعمارها وأن يتوكلوا عليه حق توكل حطي  يأكل العبد من رزق الله الذي قدره لهم قال تعالى "هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوامن رزقه وإليه النشور "سورة الملك
- في سنن الدارمي عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرُزِقْتُمْ كَمَا يُرْزَقُ الطَّيْرُ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا قَالَ أَبمو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَأَبُو تَمِيمٍ الْجَيْشَانِيُّ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَالِكٍ *
-فربط الله السعي (الهدى) للحصول على الرزق المقدر قال تعالى .. والذي قدر فهدى"
&- فعند تقاعس العبد عن السعي الذي أمر الله به:فيكون العبد قد ترك السبب الذي ربط به الله مسار الهدى للحصول على الرزق المقدر، فتكون النتيجة لذلك، بأن العبد لا يوفق في الحصول على الرزق المقدر له وذلكبالمحو من مسار رزقه المقدر ،للمضي في مسار آخر مقدر فيه الحرمانلإثبات هذا المسار الجديد للمضي فيه ،كنتيجة لتقاعس العبد عن السعي"يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده…"
&- وكذلك عند الكفر بنعم الله فقد يلحق العبد الحرمان من الرزق وذلك بتثبيت مسار آخر جديد قضى به الله فيه من الأزل بالحرمان ولكن متوقف نفاذه على تصرف العباد "وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ".
&- وكذلك عند الغشففي الحديث عند موطأ مالك"…عَنْ مَالِك عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ مَا ظَهَرَ الْغُلُولُ فِي قَوْمٍ قَطُّ إِلَّا أُلْقِيَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبُ وَلَا فَشَا الزِّنَا فِي قَوْمٍ قَطُّ إِلَّا كَثُرَ فِيهِمُ الْمَوْتُ وَلَا نَقَصَ قَوْمٌ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلَّا قُطِعَ عَنْهُمُ الرِّزْقُ وَلَا حَكَمَ قَوْمٌ بِغَيْرِ الْحَقِّ إِلَّا فَشَا فِيهِمُ الدَّمُ وَلَا خَتَرَ قَوْمٌ بِالْعَهْدِ إِلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْعَدُوَّ *
&- وكذلك عندا لخطيئة :ففي الحديث عند بن ماجة" حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَزِيدُ فِي الْعُمْرِ إِلَّا الْبِرُّ وَلَا يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلَّا الدُّعَاءُ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِخَطِيئَةٍ يَعْمَلُهَا * أنتهى
&- وكذلك عند الأعراض عن ذكر الله : وقال تعالى" وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى"طه …الخ
ومع أن الأرزاق مقسومة ومقدره للعبد إلا أن الله تعالى قد قضى في قضاءه في الأزل بالحرمان والنقص بأسباب إن آتاها العبد كعقاب له:
ب– وقضاء الله قد يكون بالزيادة على الرزق المقدر:"يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب"
فيكون ذلك  بمسار آخر مختلف عن مسار الرزق المقدر حيث يتوقف النهج للمضي في مساره على أسباب من العبد لإثبات المسار الجديد الذي فيه الرزق بالزيادة، ومحو مسار الرزق المقدر.
فقد قدر الله الأرزاق ومع أنها مقسومة ومقدره للعبد إلا أن الله تعالى قد قضى في قضاءه في الأزل بالزيادة عليها بأسباب إن آتاها العبد أيضا كثواب:
الشاهد:
- قوله"لو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض …"الأعراف
- أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا مسلم بن إبراهيم قال حدثنا شعبة عن يعلى بن عطاء عن عمارة بن حديد عن صخر الغامدي أن النبي (ص) قال اللهم بارك لأمتي في بكورها قال فكان النبي (ص) إذا بعث سرية بعث بها من أول النهار وكان صخر رجلا تاجرا فكان يبعث غلمانه من أول النهار فكثر ماله وأثرى(صحيح بن حبان).
- مسند أحمد "حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنَا حَزْمٌ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ سِيَاهٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص) مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُمَدَّ لَهُ فِي عُمْرِهِ وَأَنْ يُزَادَ لَهُ فِي رِزْقِهِ فَلْيَبَرَّ وَالِدَيْهِ وَلْيَصِلْ رَحِمَهُ *
الخلاصة:
الرزق من المقدرات على العبد، لا يزيد فيه أو ينقص عما قدر له من رزق في المسار المثبت نهجه في صحيفة الملك ،ومن الوصف تعددت المسارات المكتوبة للرزق لتكون تلك المسارات بين المحو والإثبات لتأخذ المسار المتوقف الإثبات النهج في سيرة سواء بالزيادة كثواب أو بالنقص كعقاب ،على أسباب من العبد ليلاقي ما قضى به الله من جزاء على الرزق، فأما أن يكون الجزاء بالحرمان من الرزق فيتحول المسار بمحو مسار الرزق المقدر لينتقل بالإثبات لمسار آخر مقدر فيه الحرمان من الرزق أو النقص فيه .
- وكذلك في حال ما قضى به الله من زيادة علي الرزق للعبد كجزاء بالثواب فيكون متوقف أثبات مساره على تصرف من العبد  كسبب للتحول من المسار الذي فيه الرزق المقدر ليمحى والتحول إلى مسار آخر فيه الرزق بالزيادة ، قال تعالى…ولئن شكرتم لأزيدنكم"
الشاهد:
قال تعالى  "يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب"الرعد
- في جميع الأحوال الرزق مقدر ومكتوب بجميع مساراته سواء بالزيادة أو بالنقص فيه أو بالحرمان ..الخ فلكل منهم مسار منفصل .
ولكن تلك المسارات تكون بين المحو والإثبات كنتيجة لأسباب قد يأتيها العبد فينزل ما قضى به الله  بالجزاء عليها بالعقاب أو بالثواب فتتغير المسارات المكتوبة بالمحو من مسار وتثبيت لمسار آخر وذلك كنتيجة لتلك الأسباب التي آتاها العبد …ومثال لذلك السعي، فهو مرتبط مع الهدى للرزق(قدر فهدى) للحصول على الرزق المقدر فعند عدم السعي فيكون العبد لم يوفق في الهدى للحصول على الرزق المقدر، فيتغير مسار الرزق بالمحو من مسار الرزق المقدر المرتبط مع السعي ، لينتقل لمسار آخر جديد بالإثبات للمضي فيه ليكون بداخل هذا المسار الجديد المنع أو النقص برزق مقدر مختلف .
-  مع ملاحظة أن الهدى بالتيسير أو بالتعسير للحصول على الرزق المقدر متوقف في كل مسار على تدخل نفسية العبد وسعيه ، أما بالتصديق أو بالتكذيب قال تعالى ( فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ) * أنتهى




2- دور النفس في ما قضى به الله على الأعمار
"فالعمر مقدر للعبد في صحيفة الملك"
" يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ(39)الرعد

- سبق وأن بينا بأن الأعمار من المقدرات التي قدرها الله تعالى على العباد ولا تزيد أو تنقص فيما قدر من عمر للعبد "والذي قدر فهدى "سواء حصل الموت للهدى إليه بالتيسير (كالموت )أو بالتعسير (كالانتحار) قال تعالى" فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون".
- إلا أن الأعمار مكتوبة  أيضا بالنقص منها بمسار آخر،
- أو بالزيادة عليها في مسار آخر،  وبقانون المحو والإثبات بين المسارات، ( للمحو لمسار العمر المقدر أو بالإثبات لمسار آخر للعمر بالزيادة أو بمسار آخر بالنقص من العمر ) فيكون التغير كنتيجة لتدخل نفسية العبد وسعيها.
- قال تعالى" إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم …الآية "الرعد
- فالتغير يكون بين مسارات الأعمار دون أن تتغير الأعمار المقدرة بداخل كل مسار بالنقص أو بالزيادة
الشاهد: قال تعالى " يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ(39)الرعد
- قال تعالى "وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ"فاطر
- وقال تعالى "… ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده …" الأنعام .
- وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ(145)آل عمران
ولمعرفة أمكانية المحو والإثبات لمسارات العمر بمسار الزيادة أو بمسار النقص للعمر يكون كنتيجة للأسباب من  العبد لينفذ ما قضى به الله في الأجل.
- روى الترمذي وصححه عن أبي هريرة قال: إن رسول الله (ص) قال: "لما خلق الله ادمu مسح ظهره فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة وجعل بين عيني كل رجل منهم وبيصا من نور ثم عرضهم على ادم فقال يا رب من هؤلاء قال هؤلاء ذريتك فرأى رجلا منهم فأعجبه وبيص ما بين عينيه فقال أي رب من هذا؟ فقال هذا رجل من آخر الأمم من ذريتك يقال له داود فقال رب كم جعلت عمره قال ستين سنة قال أي رب زده من عمري أربعين سنة فلما انقضى عمر ادم uجاءه ملك الموت فقال أو لم يبق من عمري أربعون سنة قال أو لم تعطها ابنك داود قال فجحد ادم فجحدت ذريته ونسي ادم فنسيت ذريته".
أ – فقضاء الله بالحرمان أو بالنقص من العمر المقدر: "يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب" يكون بالمحو لمسار العمر المقدر في الأزل  ،وتثبيت مسار آخر يقضي فيه بالحرمان أو النقص من العمر، ولكن متوقف النهج فيه على أسباب من العبد لإثبات هذا المسار الجديد لنهجه والمضي فيه.
-   ففي الحديث في موطأ مالك "…عَنْ مَالِك عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ مَا ظَهَرَ الْغُلُولُ فِي قَوْمٍ قَطُّ إِلَّا أُلْقِيَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبُ وَلَا فَشَا الزِّنَا فِي قَوْمٍ قَطُّ إِلَّا كَثُرَ فِيهِمُ الْمَوْتُ وَلَا نَقَصَ قَوْمٌ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلَّا قُطِعَ عَنْهُمُ الرِّزْقُ وَلَا حَكَمَ قَوْمٌ بِغَيْرِ الْحَقِّ إِلَّا فَشَا فِيهِمُ الدَّمُ وَلَا خَتَرَ قَوْمٌ بِالْعَهْدِ إِلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْعَدُوَّ *
ب– وقضاء الله قد يكون بالزيادة على العمر المقدر "يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب"يكون بالمحو لمسار العمر المقدر ،وتثبيت مسار آخر يقضي فيه بالزيادة في العمر، ولكن متوقف النهج فيه على أسبابمن العبد لإثبات هذا المسار الجديد :
- ففي الحديث"عند مسند أحمد "قال حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الْعَبْدَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ وَلَا يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلَّا الدُّعَاءُ وَلَا يَزِيدُ فِي الْعُمُرِ إِلَّا الْبِرُّ ** .
الخلاصة : "يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب" في جميع الأحوال الأعمار مقدره ومكتوبه بجميع مساراتها سواء بالزيادة أو بالنقص أو بالحرمان ..الخ فلكل منهم مسار ،ولكن تلك المسارات تكون بين المحو والإثبات للتحول بينها كنتيجة لأسباب قد يأتيها العبد ، فتتغير مسارات الأعمار كنتيجة لتلك الأسباب التي يأتي بها العبد لتقابل ما قضى به الله من جزاء بالثواب أو بالعقاب على الأعمار.
- قال تعالى "وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِإِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ"فاطر
- مع ملاحظة أن مسارات الهدى للتيسير أو التعسير للحصول على الموت المقدر في أي مسار منهم  متوقفه لنتيجة تداخل النفسية أما بالتقوي أو بالتكذيب للتيسير أو التعسير(كميتة السوء أو ميته الخير)
قال تعالى ( فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ) الليل * أنتهى
- في صحيح البخاري حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي يَعْلَى عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ خَطَّ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطًّا مُرَبَّعًا ثُمَّ خَطَّ وَسَطَهُ خَطًّا ثُمَّ خَطَّ حَوْلَهُ خُطُوطًا وَخَطَّ خَطًّا خَارِجًا مِنَ الْخَطِّ فَقَالَ هَذَا الإنسان لِلْخَطِّ الْأَوْسَطِ وَهَذَا الْأَجَلُ مُحِيطٌ بِهِ وَهَذِهِ الْأَعْرَاضُ لِلْخُطُوطِ فَإِذَا أَخْطَأَهُ وَاحِدٌ نَهَشَهُ الْآخَرُ وَهَذَا الْأَمَلُ لِلْخَطِّ الْخَارِجِ*.
3
- دور النفس في ما قضى به الله على الأعمال
"فالعمل مقدر على العبد في صحيفة الملك"
"يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب "

- سبق وأن بينا بأن الأعمال من المقدرات التي قدرها الله تعالى على عبادة كما جاء في حديث الملك ففي الحديث عن ما قدره الله تعالى لعباده "… ويكتب عمله وأثره وأجله ورزقه، ثم تطوى الصحف فلا يزاد فيها ولا ينقص"، فالعمل من المقدرات على العبد.
- قال تعالى"  قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ"آل عمران
- وقال تعالى"… وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ " فصلت
ففي كتاب سير أعلام العملاء ج12/ ص 455 :قال الحاكم حدثنا أبو بكر محمد بن أبي الهيثم المطوعي ببخارى حدثنا محمد بن يوسف الفربري سمعت محمد بن إسماعيل يقول أما أفعال العباد فمخلوقة فقد حدثنا علي بن عبد الله حدثنا مروان بن معاوية حدثنا أبو مالك عن ربعي عن حذيفة قال "قال النبي (ص) إن الله يصنع كل صانع وصنعته "
فالأعمال من المقدرات عل العباد أما الهدى  للتوفيق للعمل المقدر أو في عدم التوفيق فيه قال تعالى "والذي قدر فهدى" يرجع لتغير نفسية العبد كما سبق شرحه فالأعمال مقدرة  ولا تتغير في صحيفة الملك بالزيادة عليها أو بالنقص منها سواء كانت الأعمال المقدرة بالسوء ، أو كانت الأعمال المقدرة بالخير .
- ولكن النفس وسعيها لها دور في التوفيق أو عدم التوفيق(الإحباط) للعمل، لذلك كانت مسئوليه وقوع العمل على عاتق العبد.
- قال البخاري في كتاب خلق أفعال العباد بعد ان ساق قوله تعالى " يا أيها الرسول بلغ …"الآية قال فذكر تبليغ ما أنزل إليه ثم وصف فعل تبليغ الرسالة فقال "وان لم تفعل فما بلغت" قال فسمى تبليغه الرسالة وتركه فعلا .
- ومع أن إلا أن الأعمال مكتوبة  ومقدرة على العبد في مسارها سواء كانت الأعمال بالخير أو بالشر ،  إلا أنها أيضا مكتوبة في مسارات أخرى بما قضى به الله من جزاء على العبد على العمل كنتيجة لتدخل نفسية العبد وتغيرها ،وبقانون المحو والأثبات بين المسارات،  يكون التغير للأعمال كنتيجة لتدخل نفسية العبد وسعيه.
الشاهد : قال تعالى" يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ(39)الرعد
فعلى سبيل المثالقد يكون ما قضى به  الله في الأزل من ثواب بالهدايةة وإتيان أعمال الفلاح لعبد ما ، ولكن يتوقف النهج في هذا المسار الإصلاحي الجديد  على سبب مقدر من العبد يأتيه ليمحى به مسار المقدرات لأعمال السوء ويثبت المسار الآخر الجديد التي فيه المقدرات لأعمال الخير والصلاح لينهجه العبد وكلا المسارين مكتوبين للعبد، فما قضى به الله متوقف نزوله على سبب من العبد للمضي في المسار الجديد لأثباته ومحو المسار القديم.
أ- في مسار ما قضى به الله من جزاء في نثبيت مسار حسن الأعمال المقدرة على العبد
-ففي سنن الترمذي" قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَلَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ أَحَدِكُمْ مِنْ رَجُلٍ بِأَرْضِ فَلَاةٍ دَوِيَّةٍ مَهْلَكَةٍ مَعَهُ رَاحِلَتُهُ عَلَيْهَا زَادُهُ وَطَعَامُهُ وَشَرَابُهُ وَمَا يُصْلِحُهُ فَأَضَلَّهَا فَخَرَجَ فِي طَلَبِهَا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ قَالَ أَرْجِعُ إِلَى مَكَانِي الَّذِي أَضْلَلْتُهَا فِيهِ فَأَمُوتُ فِيهِ فَرَجَعَ إِلَى مَكَانِهِ فَغَلَبَتْهُ عَيْنُهُ فَاسْتَيْقَظَ فَإِذَا رَاحِلَتُهُ عِنْدَ رَأْسِهِ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ وَمَا يُصْلِحُهُ قَالَ أَبمو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَفِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وفي الحديث بمسند أحمد:حدثنا أبو معاوية حدثنا محمد بن عمرو بن علقمة الليثي عن أبيه عن جده علقمة عن بلال بن الحارث المزني رضي الله عنه قال قال رسول الله (ص) إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما يظن أن تبلغ مابلغت يكتب الله عز وجل له بها رضوانه إلى يوم يلقاه وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله تعالى عليه بها سخطه إلى يوم يلقاه.
الشاهد:
- ما قضى به الله من جزاء لمسار صلاح الأعمال المقدرة على العبد :
- فيتوقف النهج في هذا المسار الإصلاحي على سبب مقدر من العبد يأتيه ليجزى العبد بما قضى به الله بتثبيت مسار أعمال الصلاح لينتهجه العبد ويمحى به مسار أعمال السوء ، ولاتبديل ولا تغيير داخل المسارات بما قدر فيها لقوله تعالى "والذي قدر فهدى "ليكون تغير النفس سببا في التوفيق أو عدم التوفيق في العمل المقدر داخل كل مسار كما سبق شرحه.
- قال تعالى" ياأيها الذين ءامنوا أتقوا الله  وقولوا قولا سديدا (70) يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ….الأحزاب71
- قال تعالى" والذين ءامنوا وعملوا الصالحات وءامنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل وأن الذين ءامنوا اتبعوا الحق من ربهم كذلك يضرب الله للناس أمثالهم" محمد
في تفسير السعدي ج1 ص 784: "أصلح بالهم " : أي أصلح دينهم ودنياهم وقلوبهم وأعمالهم وأصلح ثوابهم بتنميته وتزكيته وأصلح جميع أحوالهم والسبب في ذلك أنهم ( اتبعوا الحق ) .أنتهي
-وفي الآخرة قال تعالى " إن الله يدخل الذين ءامنوا وعملوا الصالحات جنات تجرى من تحتها الا نهار يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد"الحج.
- وقال تعالى " والذين اهتدوا زادهم هدى وءاتاهم تقواهم "محمد 17
- وفي تفسير بن كثيرج2 ص 296: يبين الله تعالى أنه خالق أفعال العباد وأنه المحمود على جميع ماصدر منهم من خير لأنه هو الذي وفقهم لذلك وأعانهم عليه ولهذا قال ( فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم ) أي ليس بحولكم وقوتكم قتلتم أعداءكم مع كثرة عددهم وقلة عددكم أي بل هو الذي أظفركم عليهم كما قال ( ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة ) الآية وقال تعالى ( لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين اذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين ) يعلم تبارك وتعالى أن النصر ليس على كثرة العدد ولا بلبس اللامة والعدد وإنما النصر من عنده تعالى كما قال تعالى (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين )
ب - وفي مسار ما قضى به الله من جزاء في نثبيت مسار سوء الأعمال المقدرة على العبد :
- حيث يتوقف النهج في هذا المسار على سبب مقدر من العبد يأتيه ليجزى العبد بما قضى به الله في تثبيت مسار أعمال السوء ومحو ما سواه كنتيجة لتغير نفس العبد، ،ولا تبديل ولا تغيير في داخل المسار.
- صحيح البخاري: حدثنا مسدد حدثنا سفيان عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي(ص) قال تعوذوا بالله من جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء.
في سنن الدارمي:"عَنْ مَالِك عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ مَا ظَهَرَ الْغُلُولُ فِي قَوْمٍ قَطُّ إِلَّا أُلْقِيَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبُ وَلَا فَشَا الزِّنَا فِي قَوْمٍ قَطُّ إِلَّا كَثُرَ فِيهِمُ الْمَوْتُ وَلَا نَقَصَ قَوْمٌ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلَّا قُطِعَ عَنْهُمُ الرِّزْقُ وَلَا حَكَمَ قَوْمٌ بِغَيْرِ الْحَقِّ إِلَّا فَشَا فِيهِمُ الدَّمُ وَلَا خَتَرَ قَوْمٌ بِالْعَهْدِ إِلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْعَدُوَّ * في موطأ مالك
الشاهد:
- قال تعالى"كذلك حقت كلمة ربك على الذين فسقوا أنهم لا يؤمنون" ."يونس،
- وقال" إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جآءتهم كل ءاية ..".يونس
- وقال تعالى "وما تغنى الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون " يونس
- وقال تعالى" الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم "محمد
- قال تعالى ( إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدى من يضل وما لهم من ناصرين)النحل
- " ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ"الروم
- وقال تعالى "إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ"النمل
- وقال تعالى " بل طبع الله عليها بكفرهم " 155النساء
النتيجة:فبعد أن عرفوا الحق على لسان الرسل ضلوا عن طريق الهدى فحق عليهم ما قضى الله لهم من جزاء في الأزل بالضلالة فتلحقهم سنن الله الكونية بأمر الكلمة"كن" كنتيجة لكفرهم وخروجهم عن هدى الله  ، قال تعالى(فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة)النحل.
- فالأغواء على سبيل المثال  يعد من الضلالة كعقوبة كونية تلحق بمن يعصى الله تعالى أو يكفر به ..الخ
- قال تعالى " وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى(121)طه"  كنتيجة لمعصيته بالأكل من الشحرة.
- وقول الشيطان"قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي"الحجر حيث لحقه أيضا الإغواء كنتيجة لمعصيته بعدم السجود    -قال تعالى للشيطان "إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْغَاوِينَ(42"الحجر من ألعصاه والكافرين ليكون الشيطان وليهم.، وقال" ألم تر أنآ أرسلنا الشياطين علىالكافرين تؤزهم أزا "مريم
- قال تعالى "وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَانِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ(36)الزخرف
-وقال" الله ولي الذين ءامنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أوليآؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات"البقرة
ففي أضواء البيان ج4 ص 264: - لقوله تعالى (ومن الناس من يجادل فى الله بغير علم ويتبع كل شيطان مريد كتب عليه أنه من تولاه فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير ) وقوله تعالى عن نبيه وخليله إبراهيم ( ياأبت إنى أخاف أن يمسك عذاب من الرحمان فتكون للشيطان وليا ) وقوله تعالى (ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشآء والمنكر) وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة ( ويهديه إلى عذاب السعير ) ويدل على أن الهدى كما أنه يستعمل في الإرشاد والدلالة على الخير يستعمل أيضا في الدلالة على الشر لأنه قال ( ويهديه إلى عذاب السعير ) ونظير في ذلك القرآن قوله تعالى ( فاهدوهم إلى صراط الجحيم) وقوله تعالى (وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ) لأن الإمام هو من يقتدى به في هديه وإرشاده وإطلاق الهدى في الضلال كما ذكرنا أسلوب عربي معروف وكلام البلاغيين في مثل ذلك بأن فيه استعارة عانديه وتقسيمهم العنا دية إلى تهكمية وتمليحية معروف كما أشار إليه سابقا.انتهى
-  قال تعالى ( ويتبع كل شيطان مريد كتب عليه ) قال مجاهد يعني الشيطان يعني كتب عليه كتابة قدرية ( أنه من تولاه ) أي اتبعه وقلده ( فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير ) وقال تعالى ( ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا )النساء
أما في تفسير الطبري ج8 ص43: قال تعالى(وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم ) قال أخبرنا وهب قال قال بن زيد في قوله وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم قال شياطينهم التي عبدوها زينوا لهم قتل أولادهم .انتهى
النتيجة: تغير النفس وسعيها للمعصية والكفر سببا لتولي الشيطان على من يتولاه من الغاويين من أصحاب المعاصي ليأمرهم ويمنيهم ويعدهم قال تعالى"يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا"،وقال تعالى (الشيطان سول لهم وأملى لهم ) وقال تعالى ( إنه ليس له سلطان على الذين ءامنوا وعلى ربهم يتوكلون إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون ) النحل
الشاهد:
قال تعالى" وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون"الأعراف.
- (وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء نحن ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شيء كذلك فعل الذين من قبلهم) وقال تعالى (سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين )
- قال تعالى " ومن الناس من يجادل فى الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير ثانى عطفه ليضل عن سبيل الله له فى الدنيا خزى ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق )الحج
الشاهد : قال تعالى (…. ذالك بما قدمت يداك وأن الله ليس بظلام للعبيد )الحج .
الخلاصة : قال تعالى ( جزاء بما كانوا يعملون )الواقعة
- ما قضى به الله على الأعمال بالثواب والعقاب يكون في مسارات مختلفة ، فتتغير بالمحو والأثبات كنتيجة متوقفة على نغير نفسية العباد وتصرفهم ، وبداخل كل مسار الأعمال مقدرة فيه ولا تتغير و لكن الهدى للتوفيق وعدم التوفيق في العمل المقدر يرجع كنتيجة لتغير نفسية العبد وسعيه وتصرفه.
- قال الإمام أحمد" حدثنا يزيد حدثنا حميد عن أنس أن رسول الله (ص) قال لاعليكم أن تعجبوا بأحد حتى تنظروا بم يختم له فإن العامل يعمل زمانا من عمره أو برهة من دهره بعمل صالح لو مات عليه دخل الجنة ثم يتحول فيعمل عملا سيئا وإن العبد ليعمل البرهة من دهره بعمل سيء لو مات عليه دخل النار ثم يتحول فيعمل عملا صالحا وإذا أراد الله بعبده خيرا استعمله قبل موته قالوا يا رسول الله وكيف يستعمله قال يوفقه لعمل صالح ثم يقبضه عليه تفرد به الإمام أحمد من هذا الوجه.
-وهي الحكمة في القضاء كنتيجة متوقفة على تغير نفسية العباد وسعيها وتصرفها.
- قال تعالى "من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب" الشورى
- وقال تعالى" مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا(18)الأسراء
- وفي الحديث عند أبوداود:حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيِّ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ.


الجزء الثالث لموضوع/ 
ما هو الفارق بين القضاء وبين القدر


-وفي فتح الباري 13 ص 439 :
وقال الراغب يدل على ان الأمور كلها موقوفة على مشيئة الله وان أفعال العباد متعلقة بها وموقوفة عليها ما اجتمع الناس على تعليق الاستثناء به في جميع الأفعال.
- وقال بن بطال غرض البخاري اثبات المشيئة والإرادة وهما بمعنى واحد وارادته صفة من صفات ذاته
- لقوله تعالى ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها الآية وقوله ولا يرضى لعباده الكفر وتمسكوا أيضا بقوله ولا يرضى لعباده الكفر وأجاب أهل السنة بما أخرجه الطبري وغيره بسند رجاله ثقات عن بن عباس في قوله تعالى ان تكفروا فان الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر يعني بعباده الكفار الذين أراد الله ان يطهر قلوبهم بقولهم لا إله إلا الله فأراد عباده المخلصين الذين قال فيهم ان عبادي ليس لك عليهم سلطان فحبب إليهم الإيمان وألزمهم كلمة التقوى شهادة ان لا إله إلا الله.
- وفي فتح الباري ج13 ص 451:
وقد اتفق أهل السنة على انه لا يقع إلا ما يريده الله تعالى وانه مريد لجميع الكائنات وان لم يكن آمرا بها.
- قال تعالى "وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ"يونس
- وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمْ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمْ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ(111) الأنعام
- وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ(112)الأنعام
- قال تعالى " ومآ أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله …." النساء
- قال تعالى( لمن شاء منكم أن يستقيم وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين)التكوير
النتيجة :"… إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا(3)الطلاق
4-   هل للنفس دور في ما قضى به الله على العبد بكونه شقي أو سعيد كما قدر عليه في صحيفة الملك " يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ(39)الرعد
- قال تعالى ( يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ)هود
- سبق وأن عرفنا بأن حال العبد شقي أو سعيد هي المكتوبة عند الملك فهي من قدر الله على العبد .
وتحديد الشقي أو السعيد هي عند الفصل التام في الخلود فقبل الخلود يخرج أهل المعاصي من النار فتنقص النار بهم ليدخلوا الجنة فتزيد الجنة وحديث المصطفي eعليه أفضل السلام جاء بأن الجنة لا ينقص منها ولاتزيد، أي عند الفصل التام ، فيكون السعيد من بعد دخول أهل المعاصي جميعا الجنة أي من بعد خروجهم من النار ،والشقي هو من بقي مخلدا في النار قال المصطفىe"عن أهل النار معروفين وأهل الجنة معروفين بدون أن تنقص الجنة زيادة ونقص".
الشاهد:
الشقي والسعيد :يكونان عند الفصل التام بين أهل الجنة وبين أهل النار فهم المخلدون فيهما.
وقد جاء في الصحيحين :يؤتى بالموت في صورة كبش أملح فيذبح بين الجنة والنار ثم يقال يا أهل الجنة خلود فلا موت ويا أهل النار خلود فلا موت وفي الصحيح أيضا فيقال يا أهل الجنة إن لكم أن تعيشوا فلا تموتوا أبدا وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا وإن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدا.
-فالأشقياء: هم المخلدون في النار فقد عرفوا الحق على لسان الرسل وأتتهم الآيات البينات ومع ذلك ضلوا عن طريق هدى الله فحق عليهم ما قضى الله عليهم من جزاء في الأزل بالضلالة كنتيجة لكفرهم وخروجهم عن هدى الله قال تعالى"بل ادارك علمهم في الآخرة بل هم في شك منها بل هم منها عمون" 66 النمل
- قال تعالى ( فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة ) النحل
ففي تفسير القرطبي عن الشقي ج1 ص 210:
لقوله تعالى(أولئك الذين أشتروا الضلالة بالهدى) البقرة  قال أبن عباس أخذوا الضلالة وتركوا الهدى ومعناه استبدلوا واختاروا الكفر على الإيمان.. الخ
ولا تغيير في ما قدره الله تعالى على العبد بكونه يكون شقي أو يكون سعيد بتغيير مساره بقاعدة المحو أو الإثبات كما جاء سابقا، إلا أن النفس قد يكون لها دور في التغيير بالمحو والإثبات للشقي في درجة الشقاء.
ففي تفسير بن كثير ج4 ص 83قال بن أبي حاتم حدثنا علي بن الحسين حدثنا زيد بن أخرم حدثنا عامر بن مدرك الحارثي حدثنا عتبة يعني بن يقظان عن قيس بن مسلم عن طارق عن شهاب عن بن مسعود رضي الله عنه عن النبيe قال"ما أحسن محسن من مسلم أو كافر إلا أثابه الله تعالى" قال قلنا يا رسول الله ما إثابة الله الكافر فقال إن كان قد وصل رحما أو تصدق بصدقة أو عمل حسنة أثابه الله تبارك وتعالى المال والولد والصحة وأشباه ذلك قلنا فما إثابته في الآخرة قالe: عذابا دون العذاب وقرأ ( أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ) ورواه البزار في مسنده عن زيد بن أخرم ثم قال لا نعلم له إسنادا غير هذا ..
في مسند أحمد قال" حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا السَّمْحِ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا الْهَيْثَمِ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَلَّطُ عَلَى الْكَافِرِ فِي قَبْرِهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ تِنِّينًا تَلْدَغُهُ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ فَلَوْ أَنَّ تِنِّينًا مِنْهَا نَفَخَ فِي الْأَرْضِ مَا أَنْبَتَتْ خَضْرَاءَ *
النتيجة:
في تفسير بن كثير (إنا أنزلناه في ليلة مباركة)الآيتين قال يقضي في ليلة القدر ما يكون في السنة من رزق أو مصيبة ثم يقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء فأما كتاب السعادة والشقاوة فهو ثابت لا يغير .
أما السعداء : فهم الذين سيخلدون في الجنة وإن كان منهم من سيدخل النار في البداية كنتيجة للمعاصي ثم يغسل بماء الحياة ليدخل الجنة مخلدا، ودخول النار للبعض من هذا الفريق كفترة مؤقتة كنتيجة للمعاصي يكون بين المحو والإثبات.
الشاهد:
قال ابن جرير: حدثنا عمرو بن علي حدثنا معاذ بن هشام, حدثنا أبي عن أبي حكيمة عصمة, عن أبي عثمان النهدي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال وهو يطوف بالبيت ويبكي: اللهم إن كنت كتبت علي شقوة أو ذنباً فامحه, فإنك تمحو ما تشاء وتثبت, وعندك أم الكتاب, فاجعله سعادة ومغفرة ، وقال حماد عن خالد الحذاء, عن أبي قلابة, عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يدعو بهذا الدعاء أيضاً بن كثير ج2 ص 520
النتيجة للسعداء: تغير النفس وسعيها فيما اكتسبته في حياتها يكون سببا لحسن الخاتمة أو سببا لسوء الخاتمة كتصريح أما بدخول النار بسبب المعاصي ثم يطهر ويغسل بماء الحياة للدخول إلى الجنة أو لدخول الجنة بدون أن يدخل النار ، فالله قضى في الأزل على العبد بالثواب بحسن الخاتمة أو بالعقاب بسوء الخاتمة،  فيكون العبد بين مسار المحو وبين مسار الأثبات كنتيجة متوقفة تتطابق مع تغير النفس قبل وفاتها .
فإن المرء يموت على ما كان عليه في محصلت حياته فيختم الله له بعمل ليبعث على ما مات عليه  .
الشاهد: في البخاري-" حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَاللَّفْظُ لِابْنِ الْمُثَنَّى قَالَا حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَاهِبٍ فَأَتَاهُ فَقَالَ إِنَّهُ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ فَقَالَ لَا فَقَتَلَهُ فَكَمَّلَ بِهِ مِائَةً ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ فَقَالَ إِنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ فَقَالَ نَعَمْ وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللَّهَ فَاعْبُدِ اللَّهَ مَعَهُمْ وَلَا تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ فَانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا نَصَفَ الطَّرِيقَ أَتَاهُ الْمَوْتُ فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ فَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ جَاءَ تَائِبًا مُقْبِلًا بِقَلْبِهِ إِلَى اللَّهِ وَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ فَأَتَاهُمْ مَلَكٌ فِي صُورَةِ ادميٍّ فَجَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ فَقَالَ قِيسُوا مَا بَيْنَ الْأَرْضَيْنِ فَإِلَى أَيَّتِهِمَا كَانَ أَدْنَى فَهُوَ لَهُ فَقَاسُوهُ فَوَجَدُوهُ أَدْنَى إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي أَرَادَ فَقَبَضَتْهُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ قَالَ قَتَادَةُ فَقَالَ الْحَسَنُ ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ لَمَّا أَتَاهُ الْمَوْتُ نَأَى بِصَدْرِهِ *.
وفي صحيح البخاري : حدثنا علي بن عياش الألهاني الحمصي حدثنا أبو غسان قال حدثني أبو حازم عن سهل بن سعد الساعدي قال نظر النبي e إلى رجل يقاتل المشركين وكان من أعظم المسلمين غناء عنهم فقال من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إلى هذا فتبعه رجل فلم يزل على ذلك حتى جرح فاستعجل الموت فقال بذبابة سيفه فوضعه بين ثدييه فتحامل عليه حتى خرج من بين كتفيه فقال النبي eإن العبد ليعمل فيما يرى الناس عمل أهل الجنة وإنه لمن أهل النارويعمل فيما يرى الناس عمل أهل النار وهو من أهل الجنة وإنما الأعمال بخواتيمها.
في البخاري قال" حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِالْمَلِكِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَنْبَأَنِي سُلَيْمَانُ الْأَعْمَشُ قَالَ سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِاللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ قَالَ إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعٍ بِرِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ فَوَاللَّهِ إِنَّ أَحَدَكُمْ أَوِ الرَّجُلَ يَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا غَيْرُ بَاعٍ أَوْ ذِرَاعٍ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا غَيْرُ ذِرَاعٍ أَوْ ذِرَاعَيْنِ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا قَالَ ادم إِلَّا ذِرَاعٌ *
سنن الترمذي" حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا اسْتَعْمَلَهُ فَقِيلَ كَيْفَ يَسْتَعْمِلُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ يُوَفِّقُهُ لِعَمَلٍ صَالِحٍ قَبْلَ الْمَوْتِ قَالَ أَبمو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ *.
مسند أحمد " حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ قَالَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ أَنَّ أَبَا الْخَيْرِ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَيْسَ مِنْ عَمَلِ يَوْمٍ إِلَّا وَهُوَ يُخْتَمُ عَلَيْهِ فَإِذَا مَرِضَ الْمُؤْمِنُ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا رَبَّنَا عَبْدُكَ فُلَانٌ قَدْ حَبَسْتَهُ فَيَقُولُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ اخْتِمُوا لَهُ عَلَى مِثْلِ عَمَلِهِ حَتَّى يَبْرَأَ أَوْ يَمُوتَ *.
-سنن الترمذي" حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ أَخْبَرَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو هَانِئٍ الْخَوْلَانِيُّ أَنَّ عَمْرَو بْنَ مَالِكٍ الْجَنْبِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ كُلُّ مَيِّتٍ يُخْتَمُ عَلَى عَمَلِهِ إِلَّا الَّذِي مَاتَ مُرَابِطًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يُنْمَى لَهُ عَمَلُهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَيَأْمَنُ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ قَالَ أَبمو عِيسَى وَفِي الْبَاب عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ وَجَابِرٍ وَحَدِيثُ فَضَالَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ *
- والتوبة تجب كل شئ من قبلها " قال الإمام أحمد"حدثنا هاشم بن القاسم حدثنا عبد الحميد حدثنا شهر حدثنا بن غنم أن أبا ذر حدثه عن رسول الله((ص قال إن الله يقول يا عبدي ما عبدتني ورجوتني فإني غافر لك على ما كان منك يا عبدي إنك إن لقيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لقيتك بقرابها مغفرة"تفرد به أحمد.

الخلاصة:
حسن الخاتمة وسوء الخاتمة لأهل السعادة  المخلدون في الجنة بين( المحو والإثبات في دخولهم النار لزنوبهم ) قال الله تعالى ( فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى )الليل
النتيجة النهائية :في تفسير بن كثير ج2 ص 520:قال الليث بن سعد عن زيادة بن محمد, عن محمد بن كعب القرظي, عن فضالة بن عبيد, عن أبي الدرداء قال: قال رسول اللهe:"يفتح الذكر في ثلاث ساعات يبقين من الليل,في الساعة الأولى منها ينظر في الذكر الذي لا ينظر فيه أحد غيره فيمحو ما يشاء ويثبت"وذكر تمام الحديث,رواه ابن جرير. ، والمراد من الآية أنه يمحو ما يشاء فيكون كالعدم ويثبت ما يشاء مما فيه فيجري به قضاءه وقدره حسب ما تقتضيه مشيئته وهذا لا ينافي ما ثبت عنهeمن قوله جف القلم" وذلك لأن المحو والإثبات هومن جملة ما قضاه الله سبحانه وتعالى.
الخلاصة :
- قال تعالى". وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون" فكل خلقه ميسر ومسير بأمره لما خلق له ولا يخرج عن أمره أبدا قال " تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا"
- ولكون الإنسان خلقه الله تعالى مخيرا وله عقل وإرادة(نفس)مستقلة  فقد قدر عليه الخير وهو الذي يحبه ويرضاه في كونه، و قدر عليه الشر وهو الذي لا يحبه ولا يرضاه  في كونه ومع ذلك قدره ليكون أمام العقل حريته الكاملة في الاختيار بين الطريقين قال تعالى "وهديناه النجدين" ومن ثم  يكون الإنسان مسئولا عن اختياره مسئولية كاملة فيما أختار من الخير أو الشر  فيتحمل نتيجة اختياره.
- ولأن الإنسان قد خلقه الله له عقل يعقل به فأراد له الله أن يؤمن به بالغيب ويحكم عقله في ذلك ويغلب هوى نفسه ، فقد قضى الله بالجزاء في سننه الكونية بأمر كن لينزل الجزاء من عقاب أو من ثواب على عباده من فرد أو جماعة فإن خرج العبد عما يغضب الله نال  العقاب ، وإن آتي بما يحبه الله آخذ الثواب، وكلاهما مقدر للعبد سويا في الجزاء.
- وبقانون المحو والإثبات يكون الجزاء النازل بالثواب والعقاب كنتيجة للتصرف الصادر من الإنسان
- ويأتي القضاء بالجزاء بوقوعه على العبد في الحالات التالية:-
- وقوع الجزاء في حال الآخرة كعقاب
-وقوع الجزاء في حال الحياة الدنيا كسنة كونية
- وقوع الجزاء على العبد بمن أستخلفهم الله في تنفيذ أحكامه.
- (كماله البحث في كتاب "إجلاء الغمة من فكر الأمة " حمل الملف)
  
من كتاب إجلاء الغمة من فكر الأمة
محمد مجدي رياض
أبو عبد الله
 - قال تعالى "أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ"16الحديد
-قال تعالى " أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (22) الزمر