السبت، 8 يونيو 2013

إيضاح البيان لأسرار القرآن في - هل هناك فارق بين الوفاة وبين الموت ؟


- هل المسيح متوفى أم ميت؟ - 
وكيف كانت الصورة التي رفع عليها المسيح

وكذلك ماهي صورة النبي(ص)
 عندما عرج به للسماء
----------------------------

السؤال
  هل هناك فارق بين الوفاة وبين الموت في عالم البرخ أم لا ؟
الإجابة نعم
فكل ميت متوفى وليس كل متوفى ميت

-قال تعالى:-( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء ولكن لا تشعرون " 

- وقول الرسول الكريم (ص) في الحديث - : أن الأنبياء لما ماتوا سموا أمواتا وإذا مت يقال قد مات (والشهداء لا يسمون موتي) "

التفاصيل على الرابط

الأجابة

لمعرفة ذلك يجب أن نعرف أولا أوامر الله تعالى التي جاءت في النصوص الشرعية لكيفية خلق الإنسان:

أولا : أمر الله تعالى بالكلمة "كن":
-قال ص خزائن الله الكلام ,فإذا أراد شيئاً قال له كن فكان".
-وكلمة الله تلقى كقوله تعالى" وكلمته ألقاها إلى مريم…"  لتخليق الجسد لعيسى عليه السلام :
قال تعالى" إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ  اللَّهِ كَمَثَلِ ادم خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ(59)"آل عمران

ثانيا- أمر الله بالنفخه :
- كقوله تعالى" فَإِذَا ّسَوَيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِيفَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ(29)ص،
 وقوله" ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ"السجدة

والنفخ في اللغة جاء بمعني الروح:
فالروح بالضم في كلام العرب
 النفخ سمي روحا لأنهريح يخرج من الروح، ومنه قول ذي الرمة في نار اقتدحها وأمر صاحبه بالنفخ فيها فقال فقلت له ارفعها إليك وأحيها بروحك واجعله لها قيتة قدرا أي أحيها بنفخك واجعله لها الهاء للروح لأنه مذكر في قوله واجعله والهاء التي في لها للنار لأنها مؤنثة الأزهري عن ابن الأعرابي قال يقال خرج روحه.الخ (أنتهي)
- وقال السهيلي في تفسير بن كثير على أن المراد بقوله:

( قل الروح من أمر ربي ) أي من شرعه(أنتهى كلامه )

النتيجة: 
 الروح أمر من أوامر الله تعالى (أي من شرعه ) فهو أمر يأتي بالنفخ

الشاهد :
-قوله تعالى:(قل الروح من أمر ربي )
-وقوله" يلقى الروح من أمره"
-وقوله"وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا."الشورى
 (ويوجد بحث مستقل في كتابنا"إجلاء الغمة

".ومن بعض الأمثلة لأوامر الله بالنفخ 
كالإيحاء والريح و الرحمة ونفخة التأييد ونفخة الأحياء والنفخ في الصورالخ

الخلاصة:
هناك فارق بين أمر الكلمة "لخلق الجسد"
                وبين أمر النفخة "لخلق الروح"


( ولها بحث مستقل)


السؤال
هل هناك فارق بين الروح والنفس 

فإن كانت النفس غير الروح
فهل هي مخلوقة بأمر الكلمة أم بأمر النفخة؟

الشاهد:في كتاب البدء والتاريخ ج 2 ص 102:
عن ابن دريد عن أبى حاتم عن الأصمعي قال:
 "لكل إنسان نفس وروح.
فأما النفس فتموت.
وأما الروح فيفعل به كذا وكذا.

- وقد تسمى العرب الريح والروح والنفخ روحا
 قال ذو الرمة فقلت له ارفعها إليك وأحيها بروحك وافتنه لها فتنة قدرا ، ويسمى الهواء الروح والملك الروح والوحي الروح وكل لطيف خفيف متعال روحا ويقال في الحيوانات إنها ذات أرواح وفلان خفيف الروح وفلان ثقيل الروح اذا كان يخف على القلوب أو يثقل ويقال لكل ما ينبت وما يشاهد كالملائكة والجان الروحانيون والأرواح تبقى والأنفس تموت ولا تبقى وأما الحياة فهي شئ يضاد الموت حيث ما حلت ارتفعت وهى في الجملة على كل تام حساس ومتحرك من ذوى الأرواح وغيرها ألا ترى إلى قوله تعالى (فأحيينا به الأرض بعد موتها ) فجعل الأرض حياة إذا نزل عليها الماء وقال وهو الذي أحياكم فجعلنا بما أحيانا به وقال ( يخرج الحي من الميت ) فمن قائل انه الولد من النطفة والطير من البيض والنخلة من النواة فسمى النخلة لما فيها من قوة الحياة حيا ثم وصف نفسه بالحياة فقال (هو الحي ) ولا يجوز أن يقال هو ذو روح وذو نفس لأن الحياة أعم وأعلى فيقال روح حي وقد أحييت روحي بكذا وكل ما له بقاء ودوام يدعى حيا كما قيل للشعر أنه كلام حي لبقائه ومروره على الألسن واختلفوا في مكان الروح والنفس والحياة من البدن ألكل واحد منها موضع على حدته أو كلها متداخل أو متصل بعضها ببعض وأيها التابع للآخر وأيها المتبوع وكيف ما أنظر فلا أجد بدا من جمع ما يحتاج إليه في كتاب مفرد أسميه كتاب النفس والروح لأني إن أطنبت فيه إذ لا يغنى الاختصار والإيجاز نقضت ما اشترطت في صدر الكتاب وهذا باب لا يصح الكلام فيه وإن طال وأما الموت فسكون دائم وخمود بانقطاع الحياة وذهاب الروح وقد سمى الله تعالى الجوامد مواتا عند فقد النماء والحركة وقيل النوم أخو الموت وقالوا للشيء الخامل المنسي هذا ميت وأنشدني بعضهم نوم اللبيب بقدر رتبته ذا المقيل والنوم موت قصير والموت نوم طويل..(انتهى)

النتيجة:
لكل إنسان نفس وروح (فالملك ينفخ بالروح ليحي النفس (النسمة)المنقولة بالذر

قال تعالى "وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ"الأنعام

&- ففي تفسير القرطبي:
لقوله تعالى" أَنشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ"قال سعيد بن جبير:قال لي ابن عباس:هل تزوجت؟ قلت: لا  
 …،فقال: إن الله عز وجل يستخرج من ظهرك ما استودعه فيه.
وروي عن ابن عباس أيضا أن المستقر من خلق,
 والمستودع من لم يخلق; ذكره الماوردي،

 وعن ابن عباس أيضا: ومستودع عند الله، قلت: وفي التنزيل "ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين" [البقرة: 36] والاستيداع إشارة إلى كونهم في القبر إلى أن يبعثوا للحساب.انتهى

النتيجة:
النفس(النسمة)هي المستقر المنقولة بالذرية من ظهرآدم

الشاهد:
 قال تعال "وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ(172)" الأعراف.

&- ففي فتح الباري ج10 ص 417: 
خلق أرواح بني آدم عند قوله ألست بربكم لما أخرجهم من صلب آدم عليه السلام مثل الذر.
- فقد روى الترمذي وصححه عن أبي هريرة: أن رسول الله(ص) قال:"لما خلق الله ادم مسح ظهره فسقط من ظهره كلنسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة وجعل بين عيني كل رجل منهم وبيصا من نور ثم عرضهم على ادم فقال يا رب من هؤلاء قال هؤلاء ذريتك فرأى رجلا منهم فأعجبه وبيص ما بين عينيه فقال أي رب من هذا؟ فقال هذا رجل من آخر الأمم من ذريتك يقال له داود..الخ

&- في المنتظم ج1 ص 215 قال المحدث : 
 أخبرنا ابن الحصين أخبرنا ابن المذهب أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر حدثنا عبدالله بن أحمد قال حدثني يعقوب الرماني حدثنا المعتمر بن سليمان قال سمعت أبي يحدث عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي بن كعب في قول الله عز وجل ) وإذ أخذ ربك من بني ادم من ظهورهم ذريتهم 
قال جمعهم فجعلهم أزواجا ثم صورهم واستنطقهم فتكلموا ثم أخذ عليهم العهد والميثاق ) وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم ( قال فإني أشهد عليكم السموات السبع والأرضين السبع وأشهد عليكم أباكم ادم أن تقولوا يوم القيامة لم نعلم بهذا اعلموا أنه لا إله غيري ولا تشركوا بي شيئا سأرسل إليكم رسلي يذكرونكم عهدي وميثاقي وأنزل عليكم كتبى قالوا شهدنا بأنك ربنا وإلهنا لا رب لنا غيرك فرفع عليهم ادم ينظر إليهم فرأى الغني والفقير والحسن الصورة ودون ذلك فقال يا رب ألا سويت بين عبادك فقال إني أحببت أن أشكر ورأى ادم الأنبياء فيهم مثل السرج عليهم النور خصوا بميثاق أخرى في الرسالة والنبوة وهو قوله تعالى(وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم)إلى قوله( عيسى ابن مريم ) وكان في تلك الأرواح.

&- في تفسير القرطبي :
 أي واذكر لهم مع ما سبق من تذكير المواثيق في كتابهم ما أخذت من المواثيق من العباد يوم الذر. وهذه آية مشكلة, وقد تكلم العلماء في تأويلها وأحكامها, فنذكر ما ذكروه من ذلك حسب ما وقفنا عليه :- فقال قوم: معنى الآية أن الله تعالى أخرج من ظهور بني آدم بعضهم من بعض "أشهدهم على أنفسهم ألست بربكم" دلهم بخلقه على توحيده; لأن كل بالغ يعلم ضرورة أن له ربا واحدا. "ألست بربكم" أي قال. فقام ذلك مقام الإشهاد عليهم, والإقرار منهم; كما قال تعالى في السماوات والأرض: "قالتا أتينا طائعين" [فصلت: 11].ذهب إلى هذا القفال وأطنب،- وقيل: إنه سبحانه أخرج الأرواحقبل خلق الأجساد , وإنه جعل فيها من المعرفة ما علمت به ما خاطبها.
- قلت: وفي الحديث عن النبي صلى الله عيله وسلم غير هذين القولين, وأنه تعالى أخرج الأشباح فيهاالأرواح من ظهر آدم عليه السلام.
- وروى عبدالله بن عمرو عن النبي (ص) أنه قال: "أخذوا من ظهره كما يؤخذ بالمشط من الرأس". وجعل الله لهم عقولا كنملة سليمان, وأخذ عليهم العهد بأنه ربهم وأن لا إله غيره. فأقروا بذلك والتزموه, وأعلمهم بأنه سيبعث إليهم الرسل; فشهد بعضهم على بعض.
 قال أبي بن كعب: وأشهد عليهم السماوات السبع, فليس من أحد يولد إلى يوم القيامة إلا وقد أخذ عليه العهد.
-قال يحيى قال الحسن:ثم أعادهم في صلب آدم عليه السلام. ….الخ

النتيجة:
النفس(النسمة)هي المستقر المنقولة بالذرية من ظهرآدم (أمر الكلمة)
قال تعالي "وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لآدم فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنْ السَّاجِدِينَ(11)الأعراف

ثانيا: المستودع( الأرواح) :
حيث يأتي الملك بالروح لينفخها في النطفة لتحيا النفس في الأرحام
- ففي البخاري قال" حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِالْمَلِكِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَنْبَأَنِي سُلَيْمَانُ الْأَعْمَشُ قَالَ سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِاللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ قَالَ إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعٍ بِرِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ …*

الخلاصة :
1-المستقرهو المنقول بالذرية(النسمة):
فبأمر الكلمة كن لتكون بماخلقه الله من قبل من نسم (لتنتقل بالذر بالذرية) ليتم تصويرها في الأرحام من الملك،أو يحملها الملك أذا لم تكن منقوله بالذر(بالأباء)كقوله"وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه"

الشاهد:
فقد روى الترمذي وصححه عن أبي هريرة: أن رسول الله (ص) قال:"لما خلق الله ادم مسح ظهره فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة..الخ"وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا"آل عمران
-ثبت في الصحيح عنه(ص)أنه قال" لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى وقولوا عبد الله ورسوله"،وقوله"وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه"
فهناك فارق بين الأمر لكلمة الله(النفس من الجسد)،والأمر بالنفخة(وروح الله)

2-وفي المستودع( الأرواح):
فبأمر الله بالنفخ ينفخ الملك بما أستودع الله من أرواح ، لينفخها الملك في النطفة لتحيا.
- قال تعالى (ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا) ، وقوله(أنا رسول ربك) فأمر الله تنفخ الروح من الملك الروحاني

النتيجة :
هناك فارق بين النفس والروح
النتيجة:
لكل إنسان نفس وروح(فالملك ينفخ بالروحليحي النفس (النسمة)المنقولة بالذر

الشاهد:
قال الترمذي: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّهم عَنْهم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ عَنْ فِرَاشِهِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ فَلْيَنْفُضْهُ بِصَنِفَةِ إِزَارِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي مَا خَلَفَهُ عَلَيْهِ بَعْدُ فَإِذَا اضْطَجَعَ فَلْيَقُلْ بِاسْمِكَ رَبِّي وَضَعْتُ جَنْبِي وَبِكَ أَرْفَعُهُ فَإِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَارْحَمْهَا وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ فَإِذَا اسْتَيْقَظَ فَلْيَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي فِي جَسَدِي وَرَدَّ عَلَيَّ رُوحِي وَأَذِنَ لِي بِذِكْرِهِ وَفِي الْبَاب عَنْ جَابِرٍ وَعَائِشَةَ قَالَ أَبو عِيسَى حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَرَوَى بَعْضُهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ وَقَالَ فَلْيَنْفُضْهُ بِدَاخِلَةِ إِزَارِهِ *

الخلاصة:
قال تعالى" اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ(42)" الزمر

&-في القرطبي: 
يقول بن عباس في تفسير هذه الآية : في ابن آدم نفس وروح بينهما مثل شعاع الشمس ،
(فالنفس) التي بها العقل والتمييز.
(والروح) التي بها النفس والتحريك،

 فإذا نام العبد قبض الله نفسه ولم يقبض روحه وهذا قول ابن الأنباري والزجاج .(أنتهيى كلامه)

&-البدأ والتاريخ ج2 ص101: 
يقول المحدث في تفسير هذه الآية "روى الكلبي عن أبى صالح عن ابن عباس رضه:
 أن الرجل إذا مات قبض الله روحه وبقى نفسهلأن النفس موصولة بالروح فإذا أراد الله قبض روحه للموت قبض نفسه مع روحه فمات وإذا أراد الله بعثه رد إليه روحه

وكان النبي (ص) إذا آوى إلى فراشه قال اللهم باسمك وضعت جنبي وبك أرفعه إنأمسكت نفسي فاغفر لها وإن أرسلتها فاحفظها بما يحفظ به الصالحين وكان إذا استيقظ من نومه قال الحمد لله الذي أحياني بعد ما أماتني وإليه المصير

وروى ابن جريج عن ابن عباس رضه قال:
 في ابن آدمنفس وروح بينهما مثل شعاع الشمس
والنفس هي التي بها العقل والتمييز
والروح هي التي بها اليقين والتحريك
فإذا نام العبد قبض الله نفسه وروحه 

وقالمجاهد تجئ الروح إلى الرجل في منامه فإذا لم يحضر أجله استيقظ وإذا حضر أجلهذهب الروحان

وروى حصيف عن عكرمة عن ابن عباس قال كل نفس لها سبب تجرى فيه فإذا قضى عليها الموت قامت حتى ينقطع السبب والتى لم تمت يرد

 وروى عن على عليه السلم أنه قال إذا نام الإنسان امتد روحه مثل الخيط فيكون بعض أجزائه في النائم وبه يتنفس وبعضها مختلط بأرواح الأموات مقبوضا معها إلى وقت انتباهه فترجع إليه 

وروى ابن عجلان عن سالم عن أبيه أن عمر رضه قال لعلى يا با الحسن وربما شهدت سهدة وعتبا أسائلك عن ثلثة أشياء قال وما هن قال الرجل يحب الرجل وما يرى منه خيرا والرجل يبغض الرجل وما يرى منه سوءا قال نعم قال رسول الله (ص):
الأرواحجنود مجندة يلتقي فيشام فما تعارف منها ائتلف وما تناكر اختلف قال عمر والرجل يحدث الحديث إذ ينساه فبينا هو قد نسيه اذ ذكره قال سمعت رسول الله (ص) يقول ما من قلب إلا وله سحابة كسحابة القمر بينا القمر يضئ إذا غلبته السحابة فينسى أو تجلت عنه فذكره قال عمر والرجل يرى الرويا فمنها ما يصدق ومنها ما يكذب قال سمعت رسول الله (ص) يقول:
 ما من عبد ولا أمة ينام فيشتغل نوما إلا عرج بروحه إلى العرش فالذي لا يستيقظ دون العرش فتلك الرويا التي تصدق والذي يستيقظ دون العرش فهي الرويا التي تكذب .
-----------------------------------------------
الخلاصة: 
حالة النفس والروح عند  الوفاة والموت:
- قوله تعالى " اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَوَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ(42)" الزمر

النتيجة: 
هناك فارق بين الوفاة والموت على النحو التالي:
& -خروج الروح: عن أم سلمة قالت دخل رسول الله (ص) على أبي سلمة وقد شق بصره فأغمضه، ثم قال "إن الروح إذا قبض تبعه البصر"
&- خروج النفس: عن أبي هريرة قوله(ص): " ألم تروا الإنسان إذا مات شخص بصره" قال"فذلك حين يتبع بصره نفسه".

النتيجة: 
خروج النفس والروح من الجسد المتوفي (مدمجتان) قال تعالى "فلولا إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ تنظرون" وبخروج (الروح معالنفس) من الجسد يمر بمرحلتين:
- مرحلة الوفاة. 
- مرحلة الموت

أولا : مرحلة الوفاة(الوفاة لا تعني الموت)
وهي مرحلة قبض النفس والروح وخروجهما من الجسد (مدمجتين) للصعود للسماء ، وهذه المرحلة تحدث سواء في المنام  أو في الموت فلا تعد  هذه المرحلة موتا ، حيث يمر النائم كل يوم بتلك المرحلة يوميا أثناء النوم قال تعالى " اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ(42)"الزمر.

&-في تفسير القرطبي ج15 ص 261: 
قال بن زيد النوم وفاة والموت وفاة وعن النبي (ص) قال (كماتنامون فكذلك تموتون وكما توقظون فكذلك تبعثون)
وقال عمر" النوم أخو الموت" وروي مرفوعا من حديث جابر بن عبد الله قيل يا رسول الله أينام أهل الجنة قال(لا النوم أخو الموت والجنة لا موت فيها) خرجه الدار قطني .

&- فيض القدير  ج2 ص 232:
قال الحافظ العراقي رواه ابن شاهين أيضا في شرح السنة من حديث أبي أمامة وسنده ضعيف  إن الله تعالى قبض حين شاء أرواحكم عن أبدانكم أيها الذين ناموا في الوادي عن صلاة الصبح وذلك بأن قطع تعلقها عنها وتصرفها فيها ظاهرا لا باطنا فالقبض مجاز عن سلب الحس والحركة الارادية لأن النائم كمقبوض الروح في سلبها عنه فهو من قبيل الله يتوفىالأنفسحين موتها والتي لم تمت في منامها ( الزمر 42 ) ولا يلزم من قبض الروح الموتفالموت انقطاع تعلق الروح بالبدن ظاهرا وباطنا والنوم انقطاعه عن ظاهره فقط حين شاء وردها عليكم عند اليقظة حين شاء وحين شاء في الموضعين ليس لوقت واحد فإن نوم القوم لا يتفق غالبا في وقت واحد بل يتتابعون فحين الأولى خبر عن أحيان متعددة والمراد بذلك أنه لا لوم عليكم في نومكم حتى خرج وقت الصلاة إذ ليس في النوم تفريط ولا ينافيه أن المصطفى لما مر بعلي وفاطمة رضي الله تعالى عنهما وهما نائمان حتى طلعت الشمس أنكر عليهما فقال علي رضي الله عنه إن نواصينا بيد الله إن شاء أنامها وإن شاء أقامها فولى المصطفى وضرب بيده على فخذه قائلا وكان الإنسان أكثر شيء جدلا ( الكهف 54 ) لأن قصده بذلك حثهما على عدم التفريط بالاسترسال في النوم.

النتيجة:
- لافارق بين الوفاة والنوم (فمازالت الروح والنفس مدمجتان ولم يفرقا سواء في النوم أو في الوفاه)

الشاهد:
- قال تعالى ( وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ(60)الأنعام
-"قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ( السجدة
-الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمْ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ(32)النحل
 - وقال تعالى"الَّذِينَ تتَوَفَّاهُمْ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ فَأَلْقَوْا السَّلَمَ مَاكُنَّا نَعْمَل ُمِنْ سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ(28)النحل
-وقال تعالى "وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ(61)الأنعام

الخلاصة:
الوفاة تقابل النوم(فالوفاة ليست موت فمازالت النفس والروح مدمجتين لم يفصلا من بعد خروجهما من الجسد
- قال تعالى " اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ(42)"الزمر.
================


بعض حالات الوفاة التي لم تمت

أي خرجت النفس والروح من الجسد ولم يفصل بينهما بالموت:

1-عيسى عليه السلام متوفى:
- قال تعالى"  إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ"آل عمران
- وقوله(مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنْ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ(117)المائدة

الشاهد:
&- في تفسير بن كثير ج1 ص 267 :
 قال بن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا أحمد بن عبد الرحمن حدثنا عبد الله بن أبي جعفر عن أبيه حدثنا الربيع بن أنس عن الحسن أنه قال في قوله تعالى ( إني متوفيك )يعني وفاة المنام رفعه الله في منامه قال الحسن
قال رسول الله (ص) لليهود إن عيسى لم يمت وإنه راجع إليكم قبل يوم القيامة"انتهى

الخلاصة:
 قوله"َالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا(33)مريم (وماقتلوه يقينا بل رفعه الله إليه")


2- يحى عليه السلام متوفى:
-قال تعالى"وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا(14)وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا(15)مريم

3-وآدم عليه السلام متوفى:
ففي الحديث"جاء رجلا من الأنصار إلى النبي (ص) فقال يا رسول الله أخبرنا عن يوم الجمعة ماذا فيه من الخير فقال النبي (ص) فيه خمس خلال فيه خلق ادم وفيه أهبط الله عز وجل ادم عليه السلام إلى الأرض وفيه توفي الله ادموفيه ساعة لا يسأل الله العبد فيها شيئا إلا آتاه الله تعالى إياه ما لم يسأل مأثما أو قطيعة رحم وفيه تقوم الساعة وما من ملك مقرب ولا سماء ولا أرض ولا جبل إلا وهو مشفق من يوم الجمعة.أنتهى(فآدم عليه السلام متوفى وهو بالسماء الدنيا)

4- والشهداء لم يموتوا فهم في حالة وفاة:
(أي النفس لم تفصل عن الروح):قال تعالى "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون"فالنفس لم تفصل عن الروح.

&- ففي تفسيربن كثير ج4 ص 65 (الشهداء):
- قال أبو يعلى حدثنا يحيى بن معين حدثنا أبو اليمان حدثنا إسماعيل بن عياش عن عمر بن محمد عن زيد بن أسلم عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي (ص) قال سألت جبريل عليه الصلاة والسلام عن هذه الآية ( ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ) من الذين لم يشإ الله تعالى أن يصعقهم قال هم الشهداء يتقلدون أسيافهم حول عرشه تتلقاهم ملائكة يوم القيامة إلى المحشر بنجائب من ياقوت نمارها ألين من الحرير مد خطاها مد أبصار الرجال يسيرون في الجنة يقول عند طول النزهة انطلقوا بنا إلى ربنا لننظر كيف يقضي بين خلقه يضحك اليهم إلهي وإذا ضحك إلى عبد في موطن فلا حساب عليه رجاله كلهم ثقات إلا شيخ إسماعيل بن عياش فإنه غير معروف والله سبحانه وتعالى أعلم.

&- وفي القرطبي ج4 ص276:
 روى عن مجاهد أنه قال السيوف مفاتيح الجنة
 وروى عن رسول الله (ص) أنه قال:
أكرم الله تعالى الشهداء بخمس كرامات لم يكرم بها أحدا من الأنبياء ولا أنا أحدها :
الأول:أن جميع الأنبياء قبض أرواحهم ملك الموت وهو الذي سيقبض روحي وأما الشهداء فالله هو الذي يقبض أرواحهم بقدرته كيف يشاء ولا يسلط على أرواحهم ملك الموت .
والثاني: أن جميع الأنبياء قد غسلوا بعد الموت وأنا أغسل بعد الموت والشهداء لا يغسلون ولا حاجة لهم إلى ماء الدنيا
والثالث: أن جميع الأنبياء قد كفنوا وأنا أكفن والشهداء لا يكفنون بل يدفنون في ثيابهم
والرابع: أن الأنبياء لما ماتوا سموا أمواتا وإذا مت يقال قد مات والشهداء لا يسمون موتي
والخامس: أن الأنبياء تعطى لهم الشفاعة يوم القيامة وشفاعتي أيضا يوم القيامة وأما الشهداء فإنهم يشفعون في كل يوم فيمن يشفعون

5-ومن المتوفين الكفار الفجار والمتكبرين والظالمين والمجرمين:
(وهم الأشد وطأه من الكفار العاديين(الفجار)مثل فرعون..الخ
فلايموتوا ،فلا تفتح لهم أبواب السماء أمام أنفسهم وأرواحهم المدمجة للفصل بينهما من بعد الوفاة .

في تفسير السعدي ج1 ص 885:
تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنه"…إلى قوله"وأما أرواح الفجار فتعرج فإذا وصلت إلى السماء استأذنت فلا يؤذن لها وأعيدت إلى الأرض
الشاهد
:- قال تعالى"إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ(40)الأعراف
- وقال تعالى" وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَى إِذْ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمْ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ"

6- ويعد من الوفاه أو النوم ما يقوم به الساحر:
بفصل النفس عن الجسد بإرسالها لمعرفة ما يريده الساحر.
الشاهد:
قال تعالى(… ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق)102 البقرة ( ويطلق عليه التنويم المغناطيسي)"بحث مستقل".

&- في تفسير القرطبي:
- قال سيبويه: التقدير فهم يتعلمون; قال ومثله "كن فيكون" وقيل:هو معطوف على موضع"ما يعلمان"لأن قوله"ومايعلمان"وإن دخلت عليه ما النافية فمضمنه الإيجاب في التعليم
وقال الفراء: هي مدودة على قوله: "يعلمون الناس السحر" فيتعلمون; ويكون "فيتعلمون" متصلة بقول "إنما نحن فتنة"فيأتون  فيتعلمون. قال السدي: كانا يقولان لمن جاءهما: إنما نحن فتنة فلا تكفر; فإن أبى أن يرجع قالا لائت هذا الرماد فبل فيه; فإذا بال فيه خرج منه نور يسطع  إلى السماء, وهو الإيمان; ثم يخرج منه دخان أسود فيدخل في أذنيه وهو الكفر; فإذا أخبرهما بما رآه من ذلك علماه ما يفرقون به بين المرء وزوجه.ذهبت طائفة من العلماء إلى أن الساحر ليس يقدر على أكثر مما أخبر الله عنه من التفرقة; لأن الله ذكر ذلك في معرض الذم للسحر والغاية في تعليمه; فلو كان يقدر على أكثر من ذلك لذكره. وقالت طائفة: ذلك خرج على الأغلب, ولا ينكر أن السحر له تأثير في القلوب, بالحب والبغض وبإلقاء الشرور حتى يفرق الساحر بين المرء وزوجه, ويحول بين المرء وقلبه, وذلك بإدخال الآلام وعظيم الأسقام; وكل ذلك مدرك بالمشاهدة وإنكاره معاندة; وقد تقدم هذا,والحمد الله
-وقوله (ولقد علموا لمن اشتراه) ولو كانوا يعلمون وهذا تأويل وإن كان له مخرج ووجه فإنه خلاف الظاهر المفهوم بنفس الخطاب أعني بقوله ولقد علموا وقوله لو كانوا يعلمون وإنما هو استخراج وتأويل لقرآن على المفهوم الظاهر الخطاب دون الخفي الباطن منه حتى تأتي دلالة من الوجه الذي يجب التسليم له بمعنى خلاف دليله الظاهر المتعارف في أهل اللسان الذين بلسانهم نزل القرآن أولى .


7-حالة صعود نبينا المصطفي (ص) في الإسراء والمعراج
(بخروج نفسه وروحه عن جسده)كحال النائم والمتوفي:
&- ففي تفسير بن كثير ج3 /ص12 :عن حديث الإسراء والمعراج قال
قال الحافظ أبو بكر البيهقي في كتاب دلائل النبوة ""حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا أبو بكر يحيى بن أبي طالب tحدثنا عبد الوهاب بن عطاء حدثنا أبو محمد راشد الحماني عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي(ص)أنه قال له أصحابه يا رسول الله أخبرنا عن ليلة أسرى بك فيها قال قال الله عز وجل ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا ) الآية قال فأخبرهم قال فبينما أنا نائم عشاء في المسجد الحرام إذ أتاني آت فأيقظني فاستيقظت فلم أر شيئا فإذا أنا بكهيئة خيال فأتبعته بصري حتى خرجت من المسجد الحرام فإذا أنا بدابة أدنى شبها بدوابكم هذه بغالكم هذه…إلى قوله..ثم دخلت أنا وجبريل بيت المقدس فصلى كل واحد منا ركعتين ..الخ

الشاهد :
قال محمد بن إسحاق بن يسار في السيرة ص 246 : حدثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس أن معاوية بن أبي سفيان كان إذا سئل عن مسرى رسول الله (ص) قال كانت رؤيا من الله صادقة وحدثني بعض آل أبي بكر أن عائشة كانت تقول ما فقد جسد رسول الله (ص) ولكن أسرى بروحه قال بن إسحاق فلم ينكر ذلك من قولها لقول الحسن أن هذه الآية نزلت( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس) ولقول الله في الخبر عن إبراهيم ( إني أرى في المنام أني أذبحك فأنظر ماذا ترى ) قال ثم مضى على ذلك فعرفت أن الوحي يأتي للأنبياء من الله أيقاظا ونياما فكان رسول الله (ص) يقول تنام عيناي وقلبي يقظان والله أعلم (أنتهي كلامه)


الشواهدعلى صعود النبي(ص)
(بنفسه وروحه)
إلى السماء بدون جسده

أولاًكان الصعود للنبي(ص)إلى السماء بالمعراج:
هذا المعراج مخصص لصعود أرواح الموتى والملائكة من الأرض للسماء وموقعه من فوق المسجد الأقصى(ولذلك كانت رحلة  المصطفي(ص) إلى القدس للصعود بالمعراج )أنتهى

الشاهد :
في تفسير بن كثير ج3 /ص12:
قال في حديث الإسراء قال(ص) ثم أتيت بالمعراج الذي كانتتعرج عليه أرواح بني آدم فلم ير الخلائق أحسن من المعراج  أما رأيت الميت حين يشق بصره طامحا إلى السماء فإنما يشق بصره طامحا إلى السماء عجبه بالمعراج"

ولبيان تعريف المعراج بالقرآن:
 قال تعالى "وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَانِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ(33)الزخرف وكقوله(لتركبن طبق عن طبق)

&- ففي تفسير السعدي ج1 ص 885:
"تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنه"أي ذو العلو والجلال والعظمة والتدبير لسائر الخلق الذي تعرج إليه الملائكة بما جعلها على تدبيره وتعرج إليه الروح وهذا اسم جنس يشمل الأرواح كلها برها وفاجرها وهذا عند الوفاة
 فأما الأبرار: فتعرج أرواحهم إلى الله فيؤذن لها من سماء إلى سماء حتى تنتهى إلى السماء التي فيها الله عز وجل ربها فتحيي وتسلم عليه وتحظى بقربه وتبتهج بالدنو منه ويحصل لها منه الثناء والإكرام والبر والإعظام 
وأما أرواحالفجار :فتعرج فإذا وصلت إلى السماء استأذنت فلا يؤذن لها وأعيدت إلى الأرض ثم ذكر المسافة التي تعرج فيها الملائكة والروح إلى الله وأنها تعرج في يوم بما يسر لها من  الأسباب وأعانها عليه من اللطافة والخفة وسرعة السير مع أن تلك المسافة على السير المعتاد مقدار خمسين ألف سنة من ابتداء العروج إلى بلوغها ما حد لها وما تنتهي إليه من الملأ الأعلى فهذا الملك العظيم والعالم الكبير علويه وسفليه جميعه تقد تولى خلقه وتدبيره العلي الأعلى.
&-ويقول القرطبي:
وقال تعالى "مِنْ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ(3)المعارج
ذكر الثعلبي عن مجاهد وقتادة والضحاك في قوله تعالى تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة أراد من الأرض إلى سدرة المنتهى التي فيها جبريل يقول تعالى يسير جبريل والملائكة الذين معه من أهل مقامه مسيرة خمسين ألف سنة في يوم واحد من أيام الدنيا وقوله ( إليه ) يعني إلى المكان الذي أمرهم الله تعالى أن يعرجوا إليه.الخ

&- ج3 ص 458 بن كثير:
قوله تعالى ( يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه ) قال مجاهد وقتادة والضحاك النزول من الملك في مسيرة خمس مئة عام وصعوده في مسيرة خمسمائة عام ولكنه يقطعها في طرفة عين ولهذا قال تعالى ( في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون )

ثانيا ومن الشواهد على صعود النبي (ص) (بنفسه وروحه)فقط فلم يدخل أحد الجنة بجسده قبل يوم القيامة.
- ففي حديث الإسراء ثبت بأن رسول الله (ص)دخل الجنة ورأى قصورها في رحلة الإسراء.

الشاهد:
 - في كتاب البدء والتاريخ ج2- ص 107:
قال : عن ابى الزبير عن جابر قال كنا نحدث انه ليس أحد يدخل النار والجنة بجسده قبل يوم القيامة إنما هي أرواح في علين وسجين فإذا روحت النفوس وبعث من في القبور صارت الأرواح والأجساد إلى الجنة والنار.

ثالثاًومن الشواهد على صعود النبي(ص)(بنفسه وروحه)ذكر القرآن بأن رؤية نبينا(ص) لله تعالى كانت بقلبه:
- قال تعالى (ما كذب الفؤاد ما رأى)  وقوله ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس )

&- في تفسير الطبري ج27 ص 48:
- قال حدثنا سعيد بن يحيى قال ثني عمي سعيد عبد الرحمن بن سعيد عن إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي عن سماك بن حرب عن عكرمة عن بن عباس في قوله(ما كذب الفؤاد ما رأى) قال رآه بقلبه (أنتهي كلامه)
د- قوله (ص) في حديث الإسراء " فإذا أنا بكهيئة خيال فأتبعته بصري" للدلاله على فصل النفس عن الجسد حيث يتبع النظر النفس وهي خارجة.
هـ قوله(ص) في حديث الإسراء "فإذا أنا بآدم كهيئته يوم خلقه الله عز وجل على صورته"أي كان حال آدم كحاله يوم خلقه الله(وحال آدم بأنه متوفى فقط أي روح ونفس مدمجة ولم يفصلا ليتحقق الموت)
- وفي الحديث عن محمد بن إسحاق بن محمد المسيني حدثنا أنس بن عياض حدثنا يونس بن يزيد قال قال بن شهاب قال أنس بن مالك كان أبي بن كعب يحدث أن رسول الله(ص)قال:
فرج سقف بيتي وأنا بمكة فنزل جبريل ففرج صدري ثم غسله من ماء زمزم ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيمانا فأفرغها في صدري ثم أطبقه..الخ (بن كثير ج3 /ص 11))


المرحلة الثانية"بعد الوفاة" وهي مرحلة الموت"
قال تعالى (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ(57)العنكبوت

- في قوله تعالى "فيمسك التي قضى عليها الموت" يتبين بأن حالة  الفصل بالموت تتم في السماءفهي مرحلة الفصل التام بين الروح والنفس بعد خروجهما من الجسد وهذه المرحلة من بعد التراقي في السماء لكل من النفس والروحوهما مدمجتين.
- قال"كلا إذا بلغت التراقى وقيل من راق وظن أنهالفراق " القيامة
- فوظيفة السماء الدنيا : (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍحَكِيمٍ(4)أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ(5)" الدخان
تعريف يفرق  في اللغة : 
فرق: فرق بين الشيئين من باب نصر و فرقانا أيضا و فرق الشيء تفريقا و تفرقة فانفرق و افترق و تفرق وأخذ حقه منه بالتفاريق ، وقوله تعالى ( وقرآنا فرقناه )من خفف قال بيناه من فرق يفرق، وم شدد قال أنزلناه مفرقا في أيام ، ، و الفرقان القرآن وكل ما فرق به بين الحق والباطل فهو فرقان فلهذا قال الله تعالى ( ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان )، و الفرقة الاسم من قولك فارقه مفارقة و فراقا و الفاروق اسم سمي به عمر بن الخطاب .

النتيجة:
في السماء الدنيا يتم التفريق لجميع أوامر الله "كل أمر حكيم"وسبق أننا قسمنا أوامر الله إلي :-
ا-  أوامر الله بالكلمة مثل كلمة الله لعيسى لخلق جسده وكذلك جاءت في سلالة آدم بالذر(النسمة)أي النفس التي تنقل
ب– وأوامر الله بالنفخة(كنفخة الروح) التي تحيا بها النفس في الأرحام.
- ليتم في السماء الدنيا الفصل والفراق التام بين اندماج النفس والروح ليتحقق الموت لتسمى النفس بعد الفصل" نسمة".

الشاهد:-
 في صحيح البخاري:حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ أَنَّ عَامِرًا حَدَّثَهُمْ عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ رَضِي اللَّهم عَنْهم قَالَ قُلْتُ لِعَلِيٍّ رَضِي اللَّهم عَنْهم هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ مِنَ الْوَحْيِ إِلَّا مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ قَالَ لَا وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ مَا أَعْلَمُهُ إِلَّا فَهْمًا يُعْطِيهِ اللَّهُ رَجُلًا فِي الْقُرْآنِ وَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ قُلْتُ وَمَا فِي الصَّحِيفَةِ قَالَ الْعَقْلُ وَفَكَا كُ الْأَسِيرِ وَأَنْ لَا يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِر*
-وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال كان رسول الله (ص) يأمرنا إذا أخذ أحدنا مضجعه أن يقول اللهم رب السماوات ورب الأرضيين وربنا ورب كل شيء وفالق الحب والنوى ومنزل التوراة والإنجيل والقرآن أعوذ بك من شر كل ذي شر أنت آخذ بناصيته أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء والظاهر فليس فوقك شيء والباطن فليس دونك شيء اقض عني الدين وأغنني من الفقر قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح

الشاهد:
-في مسند أحمد : 
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الْعَبَّاسِ حَدَّثَنَا أَبُو أُوَيْسٍ قَالَ الزُّهْرِيُّ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ أَنَّ كَعْبَ بْنَ  مَالِكٍ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّمَا نَسَمَةُ الْمُؤْمِنِ طَيْرٌ يَعْلُقُ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ حَتَّى يُرْجِعَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى جَسَدِهِ يَوْمَ يَبْعَثُهُ"

النتيجة: 
تنفصل النفس عن الروح في السماء الدنيا من بعد خروجهما من الجسد. ليتحقق الموت.

السؤال كيف يتم الفصل في السماء الدنيا
بين (النفس) و(الروح)
ليتحقق الموت وتبرأ النسمة

-سبق وأن علمنا أن أوامر الله التي جاءت بالقرآن والسنة تنقسم إلى :
1- الأمر بالكلمة                 
2- الأمر بالنفخة:
في تفسير بن كثيرج 3 ص 12 "
.. قال الرسول (ص) فصعدت أنا وجبريل فإذا أنا  بملك يقال له إسماعيل وهو صاحب السماء الدنيا وبين يديه سبعون ألف ملك مع كل ملك جنوده مائة ألف ملك قال قال الله عز وجل ( وما يعلم جنود ربك إلا هو ) قال فاستفتح جبريل باب السماء قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل أو قد بعث إليه قال نعم فإذا أنا بآدم كهيئته يوم خلقه الله عز وجل على صورته فإذا هو
 تعرض عليه أرواح ذريته من المؤمنين فيقول:
 روحطيبة ونفس طيبة اجعلوها في علين
 ثم تعرض عليه أرواح ذريته الفجار فيقول 
روح خبيثة ونفس خبيثة اجعلوها في سجين….."

النتيجة :
المكلف بالفصل بين الروح والنفس هو آدم عليه السلام في السماء الدنيا ليتحقق الموت بالفصل ليتم التعامل لكل من النفس والروح كلا على حدا من بعد الفصل.

-فنسمة المؤمن :
في مسند أحمد قوله (ص) " قَالَ إِنَّمَا نسمَةُ الْمُؤْمِنِ طَيْرٌ يَعْلُقُ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ حَتَّى يُرْجِعَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى جَسَدِهِ يَوْمَ يَبْعَثُهُ.
- ففي الحديث :
إذا توفي المؤمن بعث الله إليه ملكين بريحان من الجنة وخرقة من الجنة تقبض فيها نفسه ويقال اخرجي أيتها النفس الطيبة إلى روح وريحان وربك(2 ) عليك غير غضبان فتخرج كأطيب رائحة وجدها أحد قط بأنفه وعلى أرجاء السماء ملائكة يقولون سبحان الله قد جاء اليوم من الأرض ريح طيبة ونسمة كريمة فلا تمر بباب إلا فتح لها ولا بملك الا صلى عليها وشيعه حتى يؤتى به الرحمن فتسجد الملائكة قبله ويسجد بعدهم ثميدعى ميكائيل فيقال اذهب بهذه النفس فاجعلها مع أنفس المؤمنين حتى أسألك عنهم يوم القيامةويؤمر به إلى قبره فيوسع عليه سبعين طوله وسبعين عرضه ( 3 ) وينبذ له فيه فيه ريحان ويستر بحرير فإن كان معه شيء من القرآن كسي نوره وإن لم يكن معه شيء جعل له نور مثل الشمس فمثله كمثل العروس لا يوقظه إلا أحب أهله عليه

- وإن الكافر إذا توفي:
 بعث الله إليه ملكين بخرقة من بجاد(4) أنتن من كل نتن وأخشن من كل خشن فيقال اخرجي أيتها النفس الخبيثة ولبئس ما قدمت لنفسك فتخرج كأنتن رائحة وجدها أحد قط بأنفه.

الخلاصة:
1- حال النسم من بعد الموت:
( من بعد الفصل بين الروح والنفس)
 (إلا بمن أستثناهم الله من الفصل)

- قوله تعالى"فأمآ إن كان من المقربين فروح وريحان وجنات نعيم وأمآ إن كان من أصحاب اليمين فسلام لك من أصحاب اليمين وأمآ إن كان من المكذبين الضآلين فنزل من حميم وتصلية جحيم"
- "إن الا برار لفى نعيم وإن الفجار لفى جحيم" وسبق الأشارة لمن يبقى بعدهم في القبور للحساب

&- في تفسير بن كثير ج4 ص83:
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:
- إن أرواح الشهداء في أجواف طيور خضر تسرح بهم في الجنة حيث شاءوا وإن أرواح ولدان المؤمنين في أجواف عصافير تسرح في الجنة حيث شاءت فتأوي إلى قناديل معلقة في العرش.

- وإن أرواح آل فرعون في أجواف طيور سود تغدو على جهنم وتروح عليها فذلك عرضها وقد رواه الثوري عن أبي قيس عن أبي الهزيل بن شرحبيل من كلامه في أرواح آل فرعون وكذلك قال السدي وفي حديث الإسراء عن رواية أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله (ص) : قال فيه ثم انطلق بي إلى خلق كثير من خلق الله رجال كل رجل منهم بطنه مثل البيت الضخم مصفدون على سابلة آل فرعون وآل فرعون يعرضون على النار غدوا وعشيا ( ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ) وآل فرعون كالإبل المسومة يخبطون الحجارة والشجر ولا يعقلون .

2-حال الأرواح من بعد الموت:
(من بعد الفصل بين الروح والنفس)
إلا بمن أستثناهم الله من الفصل


يقول القرطبي ج16ص 204:
روي الطفيل عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال
خير واديين في الناس واد بمكة وواد نزل به آدم بأرض الهند
وشر واديين في الناس واد بالأحقافوواد بحضرموت يدعى برهوت تلقى فيه أرواح الكفار
وخير بئر في الناس بئر زمزم
وشر بئر في الناس بئر برهوت وهو في ذلك الوادي الذي بحضرموت ( وقد خلت النذر ) أي مضت الرسل ( من بين يديه ) أي من قبل هود ( ومن خلفه ) أي ومن بعده قاله الفراء وفي قراءة بن مسعود من بين يديه ومن بعده ( ألا تعبدوا إلا الله ) هذا من قول المرسل فهو كلام معترض ثم قال هود ( إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم ) وقيل ألا تعبدوا إلا الله من كلام هود والله أعلم "

&- وفي البدأ والتاريخ ج2 ص :102 :
روى عن أبى أمامة أنه قال
أرواح المؤمنين تجتمع ببيت المقدس
- وقد نادى رسول الله (ص) قتل بدر فى القليب فقيل أتنادى قوما قد حتفوا فقال اما أنتم فلستم بأسمع منهم ولكن لا يقدرون أن يجيبونى
- وقال (ص) كسر عظم المؤمن ميتا ككسره حيا
- والأخبار المتواترة عن المسلمين فى مغازيهم أن كلما قتل من كافر قالوا قد عجل الله بروحه إلى النار
- وكلما استشهد مؤمن قالوا قد عجل الله بروحه إلى الجنة
- وروى أبان عن عباس عن أنس رضه أن رسول الله (ص) قال ان أعمالكم تعرض على أقاربكم فإن كان خيرا استبشروا به وإن كان شرا كرهوه وتلقى روح المؤمن أرواح المؤمنين فيقول اتركوا صاحبكم حتى يستريح فقد خرج من كرب شديد ثم يقولون ما فعل فلان ما فعلت فلانة هل نكح فلان هل نكحت فلانة فإن قال إن ذاك قد مات قبلى أما قدم عليكم فيقولون ( إنا لله وإنا إليه راجعون )ذهب به إلى أمه الهاوية فبئست الأم وبئست المربية .
- وروى ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عبيد بن عمير قال أهل القبور يتوكفون الأخبار فإذا أتاهم الميت يقولون ما فعل فلان وما فعلت فلانة فيقول اولم يأتكم فيقولون ( إنا لله وإنا إليه راجعون ) سلك به غير سبيلنا
- وفى رواية عبد الله بن عمر ان الأرواح ليتلقون على مسيرة يوم وما رأى احدهم صاحبه قط وروى ان الأعمال تعرض يوم الاثنين ويوم الخميس على الله ويعرضون يوم الجمعة على الأقارب فاتقوا الله ولا تختروا موتاكم
- وروى زيد بن اسلم عن أبى هريرة أنه مر هو وصاحب له بقبر فقال ابو هريرة سلم فقال الرجل اتسلم على قبر فقال ابو هريرة ان كان رآك فى الدنيا يوما قط فانه يعرفك الآن
- وروى ابن المؤمن لا يزال يسمع الآذان فى قبره ما لم يطين
- ومر النبى (ص) بالبقيع فقال السلم عليكم أهل ديار قوم مؤمنين وانا ان شآء الله بكم لاحقون ولما دفن عثمان بن مظعون وهو أول من مات من المهاجرين بالمدينة قال (ص) خرجت ولم تتلبس منها بشئ وما جاز عليه ان يخاطب من لا يعنهم ولما ابتدى بشكواه التى قبض فيها خرج من الليل مع أبى مويهبة حتى قام بين ظهرانى القبور فقال ليهنئكم ما أصبحتم فيه مما أصبح الناس عليه اقبلت الغين كقطع الليل المظلم
- وفى رواية مجاهد عن ابن عباس رضه ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون) الآية قال أرواح الشهدآء على بارق نهر الجنة يأكلون من ثمارها ويشربون من مآءها ويستنشقون روائحها وليسوا فيها وهذه الأخبار كلها وما شاكلها عند من يرى الجنة غير مخلوقة اليوم ولا موجودة إلا على الاستقبال فيما بعد ومنهم من يجيز أن يحدث الله الأرواح جنة يتنعم فيها غير الجنة الموعودة وكذلك النار وهى كلها حجة للقائلين بوجود الجنة والنار فى الحال .(أنتهى كلامه)

الخلاصة:
يصعد المتوفي بروحه ونفسه من بعد الخروج من الجسد إلى السماء الدنيا بالمعراج حيث يتم فيها الفصل للمتوفى بين النفس والروح لتبرأ النسمة من الروح سواء كان الميت مؤمنا أو كان كافرا عادي ليتحقق الموت من بعد هذا الفصل (إلا من تم أستثنائهم من الفصل  )،
 والذي يقوم بالفصل هو آدم عليه السلام ليتم التعامل بعدها مع الروح والنسمة حسب درجة إيمانها وقد تم ذكر ذلك من قبل .

ملاحظة:
يظل الفصل بين النفس والروح إلى يوم البعث :
وفي يوم البعث ترجع الروح لتحي النفس وتحيالجسد(كلا على حدا) لتكون علاقة الروح مع (النفس ) و(الجسد) كعلاقة الروح مع النائم والمتوفى(حيث تظل النفس خارجة وبعيدة عن الجسد  إلى أن يتزواجا النفس والجسد(العقل سائقه) في يوم الجمع ليجمعهم فيه)من بعد تزاوج الأرواح مع الأنفس والأبدان.

الشاهد:
قال تعالى"يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُون" النحل

&- في تفسير القرطبي:
قال ابن عباس في هذه الآية لقوله تعالى"يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ " ما تزال الخصومة بالناس يوم القيامة حتى تخاصم الروح و الجسد

فتقول الروح:
 رب, الروح منك أنت خلقته, لم تكن لي يد أبطش بها, ولا رجل أمشي بها, ولا عين أبصر بها, ولا أذن أسمع بها ولا عقل أعقل به, حتى جئت فدخلت في هذا الجسد, فضعف عليه أنواع العذاب ونجني.
فيقول الجسد:
رب,أنت خلقتني بيدك فكنت كالخشبة, ليس لي يد أبطش بها, ولا قدم أسعى به, ولا بصر أبصر به, ولا سمع أسمع به, فجاء هذا كشعاع النور, فبه نطق لساني, وبه أبصرت عيني, وبه مشت رجلي, وبه سمعت أذني, فضعف عليه أنواع العذاب ونجني منه.
قال: فيضرب الله لهما مثلا أعمى ومقعدا دخلا بستانا فيه ثمار, فالأعمى لا يبصر الثمرة والمقعد لا ينالها, فنادى المقعد الأعمى ايتني فاحملني آكل وأطعمك, فدنا منه فحمله, فأصابوا من الثمرة; فعلى من يكون العذاب؟قال: عليكما جميعا العذاب; ذكره الثعلبي (أنتهى)

الخلاصة:
&-قال تعالى"وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَة(7)الواقعة
فالبشر في الآخرة أزواجا قبل الجمع يوم  تأتي :
1- الأنفس التي كانت قد خرجت من الأجساد بالممات لترجع
 2- تنبت الأجساد بعد مرقدها في الأرض  قبل التزاوج بالأنفس
ليكون من كل فئة زوج(الميمنة والمشأمة والسابقون)الواقعة
كل فئة ازواج أثنين انفس واجساد
الشاهد:
&- قال تعالى"وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ(21) فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ(22)وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ(23)أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ(24)مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيب ٍ(25)الذي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ(26) قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ(27) قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّ الَّذِمْتُ إِلَيْكُمْبِالْوَعِيدِ(28).

&- قال تعالى:
" حتى إذا ما جاؤوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون"النور

&- وقال" حتى إذا جآءنا قال يليتبيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون "
&- قال تعالى"لقد جاءتمونا فرادا  كما خلقناكم أول مرة…" وقوله (ونرثه ما يقول ويأتينا فردا).

الشاهد:
ليتم الجمع بينهما يوم الجمع لقوله(يوم الجمع ليجمعكم فيه) وقال"وإذا النفوس زوجت" بن كثير 
 قال: أي زوجت بالأبدان  (أنتهى)



أنتهى
       من كتاب إجلاء الغمة من فكر الأمة
  محمد مجدي رياض
(أبو عبدالله)
- قال تعالى "أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَد ُفَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ"16الحديد
-قال تعالى" أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق