الخميس، 7 نوفمبر 2013

 إيضاح البيان لأسرار القرآن لكيفية آتيان كلمة الله لمريم في قوله تعالى
"وكلمته ألقاها إلى مريم" التي خلق بها جسد عيسى





إيضاح البيان في عقائد الأديان
عما ذكره النصارى في كتابهم المقدس

عن: عقيدة الثالوث "الله إله واحد( ثالوث )
وكذلك عن اللاهوت والناسوت

قال تعالى  
"وإنه لعلم للساعة فلا تمترن بها واتبعون هاذا صراط مستقيم ولا يصدنكم الشيطان إنه لكم عدو مبين ولما جاء عيسى بالبينات قال قد جئتكم بالحكمة ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه فاتقوا الله وأطيعون إن الله هو ربى وربكم فاعبدوه هاذا صراط مستقيم"
.———————.
قال تعالي "وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لآدم فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنْ السَّاجِدِينَ(11)الأعراف

 اتفقت الديانة الإسلامية والنصرانية على عناصر خلق البشر وهما :

1- أنفس: 
وهي منبت الأبدان وتأتي بالذر من ظهر آدم لذريته (وتسمى بالنصرانية الناسوت):
 وهي النسمة المخلوقة بأمر الله (كن) قال تعالى"إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ ادم خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ"آل عمران.

2- أرواح (وتسمى بالنصرانية اللاهوت) : 
وهي المخلوقة من نفخة الله قال تعالى" ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ" يأتي الملك من السماء لينفخها في النطفة (التي بها النفس) ليحيها.

الخلاصة
خلقهما الله من قبل جميعا " وأوكل لخزائنه ملائكة مخلوقين بأمر الكلمة (كن) ليحملوا كلمة الله ، وملائكة روحانيون مخلوقين من (النفخة) لينفخوا من روح الله.



السؤال
من أين أتت كلمة الله لمريم التي خلق بها جسد عيسى مع أن الثابت لدى المسلمين وكذلك النصارى بأن روح القدس (الملك الروحاني ) كان هو الزائر الوحيد لمريم عليها السلام وهو ملك روحاني
ووظيفة الروحاني"روح القدس"هو نفخ الروح وليس إلقاء كلمة الله قال الرسول (صلى الله عليه وسلم)
" الروح لا يلقي الروح" 

أما الآلقاء لكلمة الله فله ملائكة يحملون كلمة الله (وهم المخلوقين بكن)غير الروحنيين "كالملقيات ذكرا"


أذن فمن أين أتت كلمة الله لمريم عليها السلام ؟
 قال تعالى الله خالق كل شئ

جاءت النصوص الشرعية في تقسيم أوامرالله تعالى إلى قسمين:
 -1 أمر الله بالكلمة:
قال تعالى "بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ"117البقرة
2- أمر الله بالنفخ:قوله" ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ …."السجدة
وقوله…." قل الروح من أمر ربي"
- وقال تعالى " أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا"الشورى
قوله تعالى" يلقى الروح من أمره"

أولا: الأمر بالكلمة:
عند بن كثيرقال:وهو الأمر"بكن" (ج 2 ص550 )
فقد قال الرسول (ص) خزائن الله الكلام, فإذا أراد شيئاً قال له كن فكان"

أمثله عما خلقه الله تعالى بالكلمة:

&- القلم واللوح المحفوظ:
 خلقهما الله بأمر الكلمة "كن "حيث كتب القلم بكل مايكون وسيكون إلى يوم القيامة من خلق الخلائق وأقدارهم.
-ففي مسند أحمد:
قال"حَدَّثَنَا أَبُو الْعَلَاءِ الْحَسَنُ بْنُ سَوَّارٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ مُعَاوِيَةَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ حَدَّثَنِي عُبَادَةُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ "… يَا بُنَيَّ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الْقَلَمُ ثُمَّ قَالَ اكْتُبْ فَجَرَى فِي تِلْكَ السَّاعَةِ بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ يَا بُنَيَّ إِنْ مِتَّ وَلَسْتَ عَلَى ذَلِكَ دَخَلْتَ النَّارَ *

& - خلق جسد عيسى عليه السلام من  الكلمة "كن":
ودليل ذلك كلمة الله التي ألقاها لمريم كانت لتخليق جسد عيسى عليه السلام قال تعالى "…إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ …"النساء ولمعرفة أن الكلمة التي ألقيت لمريم (بواسطة الملك) كانت لتخليق جسد عيسى عليه السلام لقوله تعالى"إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ ادم خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ(59)"آل عمران.
الشاهد:في صحيح البخاري:
بَاب قَوْلُهُ ( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا).

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ كَلِمَتُهُ كُنْ فَكَانَ وَقَالَ غَيْرُهُ ( وَرُوحٌ مِنْهُ )أَحْيَاهُ فَجَعَلَهُ رُوحًا.


& - خلق جسد يحي عليه السلام من الكلمة:
لقوله تعالى لزكريا"..أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىمُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَسَيِّدًاوَحَصُورًاوَنَبِيًّا مِنْ الصَّالِحِينَ" فكانت البشرى لزكريا متعددة،لوجود واو العطف(وَسَيِّدًا وَحَصُورًا..)فتكون الواو لعطف القريب أوالبعيد:بخلق أبنه يحى، وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنْ الصَّالِحِينَ.

ففي تفسير بن كثير ج1 ص 362
روي عن بن مسعود وبن عباس ومجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وأبي الشعشاء وعطية العوفي أنهم قالوا الذي لا يأتي النساء وعن أبي العالية والربيع بن أنس هو الذي لا يولد له ولا ماء له وقال بن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا يحيى بن المغيرة أنبأنا جرير عن قابوس عن أبيه عن بن عباس في الحصور الذي لا ينزل الماء(أنتهى)
  
النتيجة:
في قوله"مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنْ اللَّهِ "فهي لأظهار لأمر الكلمة "كنلتخليق جسد يحي ، فكبر السن يؤدي لضعف ماء الرجل لخلق الذرية.
-ففي قوله(وقد بلغني الكبر وامرأتى عاقر)و (فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجة)،(قال كذالك قال ربك هو على هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا) للدلاله على أن خلق يحي لم يكن من شئ فلم يكن ليحي سميا لقوله(لم نجعل له من قبل سميا)،لغياب ماء الرجل لكبره،ولغياب ماء المرآة لعقمها قبل أصلاحها لذا كانت الكلمة مصدقا بوجود سبب في الخلق ليحيا بعد أصلاح المرآة
*- يحيى عليه السلام لم يمت فهو يحيا بالسماء "وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا(14)وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُوَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا(15)مريم
*- قال تعالى عن عيسى"َالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا(33)مريم(وماقتلوه يقينا بل رفعه اللهإليه)(راجع كتابنا إجلاء الغمة لمعرفه الفارق بين الوفاه والموت)

& - خلق الملائكة من الكلمة "كن":
- في صحيح مسلم:قال عن عائشة رضي الله عنها قالت:قال رسول الله "خلقت الملائكة من نور وخلق ابليس من مارج من نار وخلق ادم مما وصف لكم"أنتهى .
- وعن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عمرو قال: قالت الملائكة يا رب جعلت لبني ادم الدنيا فهم يأكلون ويشربون ويتزوجون فاجعل لنا الآخرة فقال لا أفعل فراجعوا ثلاثا فقال لا أجعل من خلقت بيدي كمن قلت له كن فكان.

-وفي الطبري ج 29 ص 232:
في تفسير قوله تعالى "فالملقيات ذكرا"
-عن قتادة قال "الملائكة تلقي القرآن".

النتيجة:
ملائكة الكلمة خلقهم الله بكن لتلقي كلمة الله من اللوح للسماء الدنيا.
 - ولمعرفة كيفية الإلقاء لكلمة اللهنرجع لقوله تعالى"إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا(163)النساء

فبداية الإيحاء
كانت من عهد نوح عليه السلام ثم من بعدهمن الرسل
لقوله"إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ..الآية.
-أما من قبل نوح
فلم يكن هناك إيحاء وإنما كان هناك ألقاء  لكلمة الله التي تلقى:لقوله"فَتَلَقَّى ادم مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ(37)البقرة

-ولمعرفة الآلقاء للكلمة:
في مسند أحمد قال" حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَجُلًا قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ وَدَخَلَ الصَّلَاةَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِلْءَ السَّمَاءِ وَسَبَّحَ وَدَعَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ(ص)مَنْ قَائِلُهُنَّ فَقَالَ الرَّجُلُ أَنَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَدْ رَأَيْتُ الْمَلَائِكَة َ تَلَقَّى بِهِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا*.

- وقال رسول الله(ص)إن الله جل وعز جعل الحق على لسان عمر وقلبه وفي حديث آخر إن السكينة تنطق على لسان عمر هذا أو نحوه من الكل ام ويروى في بعض الحديث إن المحدث هو الذي تنطق الملائكة على لسانه(غريب- بن قتيبه ج1/ص 314 )

- وفي الحديث"…عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ(ص) قَالَ إِذَا قَضَى اللَّهُ أَمْرًا فِي السَّمَاءِ ضَرَبَتِ الْمَلَائِكَةُ أَجْنِحَتَهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانٍ فَ ( إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ) فَيَسْمَعُهَا مُسْتَرِقُو السَّمْعِ بَعْضُهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ فَيَسْمَعُ الْكَلِمَةَ فَيُلْقِيهَاإِلَى مَنْ تَحْتَهُ فَرُبَّمَا أَدْرَكَهُ الشِّهَابُ قَبْلَ أَنْ يُلْقِيَهَا إِلَى الَّذِي تَحْتَهُ فَيُلْقِيهَا عَلَى لِسَانِ الْكَاهِنِ أَوِ السَّاحِرِ فَرُبَّمَا لَمْ يُدْرَكْ حَتَّى يُلْقِيَهَا فَيَكْذِبُ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ فَتَصْدُقُ تِلْكَ الْكَلِمَةُ الَّتِي سُمِعَتْ مِنَ السَّمَاءِ *بن ماجه

وروى البخاري ج6 ص 2784:
من حديث الزهري عن يحيى بن عروة بن الزبير عن أبيه قال قالت عائشة سأل ناس النبي (ص) عن الكهان فقال إنهم ليسوا بشيء فقالوا يا رسول الله إنهم يحدثوننا أحيانا بشيء فيكون حقا فقال (ص)تلك الكلمة من الحق يخطفها من الجني فيقرقرها في أذن وليه كقرقرة الدجاجة فيخلطون معها مائة كذبة .

- وفي صحيح البخاري قال:
" حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُالْوَاحِدِ حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِيهِ رَضِي اللَّهم عَنْهم قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (ص)إِذَا جَاءَهُ السَّائِلُ أَوْ طُلِبَتْ إِلَيْهِ حَاجَةٌ قَالَ اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا وَيَقْضِي اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ(ص)مَا شَاءَ *
الشاهد:
لبيان أن هناك فارق بين
 التلقي على اللسان أو القول باللسان
 قوله "إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عندالله عظيم"

في تفسيرالقرطبي ج12 ص 204:
وقرأ أبي وبن مسعود إذ تتلقونه من التلقي..


الخلاصة:
كلمة الله تحمل وتلقى على لسان المتلقي لها كآدم عليه السلام قال تعالى "فتلقى ادم من ربه كلمات.." ليرددها بلسانه فقط والساحر تجرا على لسانه كلمة الحق ثم يزيد فيها.،فكلمه الله ليست للحوار مع المتلقي نفسه وإنما تنطق على اللسان ليرددها فقط كآدم عليه السلام فأوامر الكلمة تلقى وتجرا على لسان المتلقي لها جهرا .

الشاهد:
- قال تعالى" وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من ورآء حجاب أو يرسل رسولا فيوحى بإذنه ما يشآء.."الآية
فكلام الله (بالكلمة يكون من وراء حجاب، بعكس(الإيحاء) فهو نفث في القلب(كالتفل)وهو أقل من النفخ كقول نبينا(ص)في الحديث "نفث في روعي ..)

&- ففي تفسير بن كثير ج3 ص 392:
- عن موسى عليه السلام وكيف كان ابتداء إيحاء الله إليه وتكليمه له ( وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر ) يعني ما كنت يا محمد بجانب الجبل الغربي الذي كلم الله موسى من الشجرة التي هي شرقية .

وبتفسير القرطبي رحمه الله:
 لقوله( نودي من شاطئ الوادي الأيمن) قال المهدوي وكلم الله تعالى موسى من فوق عرشه وأسمعه كلامه من الشجرة على ما شاء انتهى منه،"فلمآ أتاها نودى من شاطىء الوادى الأيمن فى البقعة المباركة من الشجرة
. —-  .

ثانيا- أما الأمر بالنفخة:
كقوله" ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ"السجدة

والنفخ في اللغة جاء بمعني الروح:
فالروح بالضم في كلام العرب النفخ سمي روحا لأنه ريح يخرج من الروح، ومنه قول ذي الرمة في نار اقتدحها وأمر صاحبه بالنفخ فيها فقال فقلت له ارفعهاإليك وأحيها بروحك واجعله لها قيتة قدرا أي أحيها بنفخك واجعله لها الهاء للروح لأنه مذكر في قوله واجعله والهاء التي في لها للنار لأنها مؤنثة الأزهري عن ابن الأعرابي قال يقال خرج روحه.الخ (أنتهي)

الخلاصة:
النفخ في اللغة جاء بمعني الروح، والنفخ سمي روحا لأنه ريح يخرج من الروح ففي التنزيل يظهر الأمر بالنفخ لعيسى في الطين: بقوله تعالى:
- (أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنْ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِفَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ"آل عمران
-وقال السهيلي( عند بن كثير)على أن المراد بقوله( قل الروح من أمر ربي) أي من شرعه (انتهى كلامه)

النتيجة:
الروح أمر من أوامر الله تعالى (أي من شرعه )
- لقوله تعالى: (قل الروح من أمر ربي)
- وقوله…." يلقى الروح من أمره"
- وقوله"وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا….." الشورى

الخلاصة:
الروح أمر من أوامر الله ولكنه يأتي بالنفخ
قال تعالى "فَإِذَا ّسَوَيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْرُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ.

الشاهد :
&-في فتح الباري ج13 ص 442:
 قال "في تفسير السدي عن أبي مالك عن بن عباس وعن غيره في قوله تعالى"قل الروح من أمر ربي" يقول ….. الخ والذي يدل على ان الروح مخلوقة عموم قوله تعالى الله خالق كل شيء وهو رب كل شيء ربكم ورب آبائكم الأولين والأرواح مربوبة وكل مربوب مخلوق رب العالمين وقوله تعالى لزكريا وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا وهذا الخطابلجسده وروحه معا ومنه قوله هل اتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا وقوله تعالى ولقد خلقناكم ثم صورناكم سواء قلنا ان قوله خلقنا يتناول الأرواح والأجساد معا أو الأرواح فقط.

- قال بن بطال غرضه الرد على المعتزلة في زعمهم أن أمر الله مخلوق فتبين أن الأمر هو قوله تعالى للشيء كن فيكون بأمره له وان امره وقوله بمعنى واحد وانه يقول كن حقيقة وان الأمر غير الخلق لعطفه عليه بالواو،"أَلَا لَهُالْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ"الأعراف.

&- وفي فتح البار ج8 ص 404:
في قوله تعالى" قل الروح من أمر ربي" قال الإسماعيلي يحتمل أن يكون جوابا وأن الروح من جملة أمر الله وأن يكون المراد أن اللهاختص بعلمه ولا سؤال لأحد عنه.

- قال بن القيم:
 ليس المراد هنا بالأمر الطلب اتفاقا وإنما المراد به المأمور والأمر يطلقعلى المأمور كالخلق على المخلوق ومنه لما جاء أمر ربك.

&- وقد روى الإمام أحمد:"…
 عن بن عباس أنه قال حضرت عصابة من اليهود رسولالله(ص) فقالوا يا أبا القاسم حدثنا عن خلال نسألك عنهن لا يعلمهن إلا نبي فقال رسولالله (ص) سئلوا عما شئتم …الخ قالوا فأخبرنا عن الروح قال فأنشدكم بالله وبأيامه عند بني إسرائيل هل تعلمون أنه جبريل وهو الذي يأتيني قالوا اللهم نعم ولكنه عدو لنا وهو ملك إنما يأتي بالشدة وسفك الدماء "

الشاهد:
قول الرسول(ص)الروح هو جبريلوقال تعالى عنه"نزل به الروح الأمين" وقال"وكذلك أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا"فالقرآن الموحي به للرسول(ص) قال عنه"رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا "لكونه ينفث من الروحانيون(وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين).

النتيجة:
قال تعالى"يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَانُ وَقَالَ صَوَابًا(38)"النبأ

&-قال النضر في كتاب الحروف المفسرة:
 من غريب الحديث أنه قال حدثنا عوف الأعرابي عن وردان بن خالد قال بلغني أن الملائكة منهم روحانيون ومنهم من خلق من النور
قال (ومن الروحانيين جبريل وميكائيل وإسرافيل عليهم السلام).

- قال الأزهري"أن الروحاني الذي نفخ فيه الروح وفي الحديث الملائكة الروحانيون يروى بضم الراء وفتحها كأنه نسب إلى الروح أو الروح وهو نسيم الريح والألف والنون من زيادات النسب ويريد به أنهم أجسام لطيفة لا يدركها البصر.(أنتهي كلامه لسان العرب)

الشاهد: 
"الله يصطفي من الملائكة رسلاومن الناس إن الله سميع بصير"75الحج
-مثال للرسل الملائكية قوله(قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا(19)مريم.
-"فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فأرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا(17)مريم
-"وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا… ) التحريم

الخلاصة :
هناك ملائكة مخلقين من النفخة وهم (الروحانيين) على النحو التالي:

-فأسرافيل عليه السلام: 
روى أحمد والترمذي من حديث عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قال أبو هريرة: قال النبي (ص)إن الله لما فرغ من خلق السماوات خلق الصور فأعطاه إسرافيل فهو واضعه على فيه شاخص ببصره إلى العرش ينتظر متى يؤمر بالنفخة…الخ

وعن ملك الموت عليه السلام :
ففي الحديث قال بن حبان في صحيحه عن أبي هريرة عن رسول الله(ص)قال إن المؤمن إذا قبض أتته ملائكة الرحمة بحريرة بيضاء فيقولون اخرجي إلى روح  الله فتخرج كأطيب ريح مسك حتى إنه ليناوله بعضهم بعضا يشمونه حتى يأتوا به باب السماء فيقولون ما هذه الريح الطيبة التي جاءت من قبل الأرض ولا يأتون سماء إلا قالوا مثل ذلك حتىيأتوا به أرواح المؤمنين فلهم أشد فرحا به من أهل الغائب بغائبهم ….

وعن جبريل عليه السلام:
روى الإمام أحمد"عن بن عباس قال:حضرت عصابة من اليهود رسول الله(ص) فقالوا يا أبا القاسم حدثنا عن خلال نسألك عنهن لا يعلمهن إلا نبي فقال رسول الله(ص)سئلوا عما شئتم..الخ قالوا فأخبرنا عن الروح قال فأنشدكم بالله وبأيامه عند بني إسرائيل هل تعلمون أنه جبريل وهو الذي يأتيني قالوا الله   نعم ولكنه عدو لنا وهو ملك إنما يأتي بالشدة وسفك الدماء.

وقد روى الطبراني 
من حديث بن عباس قال قال رسول الله (ص) لجبريل على أي شيء أنت قال على الريح والجنود قال وعلى أيشيء ميكائيل قال على النبات والقطر قال وعلى أي شيء ملك الموت قال على قبض الأرواح الحديث

-وفي مختار الصحاح لمعنى الروح: الروح يذكر ويؤنث والجمع الأرواح ويسمى القرآن وعيسى وجبرائيل عليهما السلام روحا…أنتهى

النتيجة:
الروحانيين هم القائمون على تنفيذ أوامر الله بالنفخ

كالإيحاء (نفث)، والريح(من روح الله)، والرحمة نفث من روح الله، ونفخة التأييد ونفخة الأحياء والنفخ في الصور…الخ وكنفخ الروح للبشر .

&- ففي التنزيل يظهر الأمر بالنفخ
قال تعالى-"..فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا(17)مريم:،" قال أنا رسول ربك.."

-وقوله"وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا …"الآية

- وفي مسند أحمد قال: عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص) وَسَلَّمَ لَا تَسُبُّوا الرِّيحَ فَإِنَّهَا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَسَلُوا اللَّهَ خَيْرَهَا وَخَيْرَ مَا فِيهَا وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ وَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ مَا فِيهَا وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ *(فالروح الأمين جبريل) القائم على الريح.

- وقال تعالى "وكذلك أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا "فالقرآن الموحي به للرسول (ص) قال عنه" رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا " لكونه ينفث من الروحانيون(وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين)، وقد جاء في الحديث(تحابوا بذكر الله وروحه)

الخلاصة:
في تفسير القرطبي ج20 ص 113: حكى القشيري أن الروح صنف من الملائكة جعلوا حفظة على سائرهم وأن الملائكة لا يرونهمكما لا نرى نحن الملائكة وقال مقاتل هم أشرف الملائكة وأقربهم من الله تعالى وقيل إنهم جند من جند الله عز وجل من غير الملائكة رواه مجاهد عن إبن عباس (أنتهى).
الشاهد:
"تعرج الروح والملائكة إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنه"المعارج

فالملائكة نوعان:

أولا:ملائكة أمر الكلمة :
فهم مختصون بألقاء كلمة الله (فالملقيت ذكرا))قال رسولالله (ص) "خزائن الله الكلام, فإذا أراد شيئاً قال له كن فكان" فهناك نوع من الملائكة خلقهم الله بأمر الكلمة "كن" ينفذون أوامرالله ويلقون كلمة الله قال تعالى (فالملقيت ذكرا ) فالذكر هو اللوح المحفوظ الذي خلقهالله بالكلمة كن وكذلك القلم الذي كتب كل شئ بأمر الكلمة كن ، "فالتاليات ذكرا " هم من الملائكة مكلفون لألقاء كلمة الله وأوامره، ولمعرفة أمر الله بالكلمة :قوله"بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ"، "الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهنلتعلموا أن الله على كل شيء قدير"، ومثال لأمر ألقاء الكلمة :قوله تعالى"وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَاإلى مريم"فالكلمة كن ألقيت لخلق جسد عيسى.

ثانيا: ملائكة أمر النفخة"روحانيون"
وملائكة الكلمة لا يرونهم"
هناك نوع من الملائكة روحانيون(روح)موكلون لأوامر الله بالنفخ:كالنفخ في الصور ونفخة الريح ونفخة الرحمة والسكينة ونفخة التأييد وقبض الأرواح، والإيحاء"كنفث من النفخة" فهم لا يلقون أمر الله وأنما ينفخونه .

الشاهد :
في مسند أحمد بن حنبل ج5 ص 215 قال:حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة ثنا أبو جعفر الخطمي عن عمارة بن خزيمة بن ثابت ان أباه قال رأيت في المنام كأني أسجد على جبهة رسولالله(ص)فأخبرت بذلك رسول الله (ص)فقال ان الروح لا يلقى الروح واقنع رسولالله(ص)رأسه هكذا فوضع جبهته على جبهة النبي(ص)

النتيجة:
الملائكة الروحانيون لا يلقون كلمة الله فالروح لا يلقى الروح فالنفخة لا تلقىوأنما تنفخ أو تنفث،فهناك صنف آخر للملائكة موكلون بالإلقاء وهم ملائكة ألقاء الكلمة"كالملقيات ذكرا".

الخلاصة:
أظهرت النصوص بأن أوامر الكلمة"كن" تلقى من الملائكة المخلوقين بكن، بعكس أوامر النفخة فهي تنفخ أو تنفث ولا تلقى ، من الروح(الروحانيون)، والنفخ جاء بمعنى الروح في اللغة فالروح أمر من أوامرالله ولكنه يأتي بالنفخ.

والنفخ نوعان:
أولا- فإما أن تكون النفخة مباشرة من روحه تعالى كخلق روح آدم:
&- ففي مسند احمد بن حنبل: قال" (إلى قوله ) عن أَبَا ذَرٍّ قَالَ…"قُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ فَأَيُّ الْأَنْبِيَاءِ كَانَ أَوَّلَ قَالَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ قُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَوَنَبِيٌّ كَانَ آدَمُ قَالَ نَعَمْ نَبِيٌّ مُكَلَّمٌ خَلَقَهُ اللَّهُ بِيَدِهِ ثُمَّ نَفَخَ فِيهِ رُوحَهُ ثُمَّ قَالَ لَهُ يَا آدَمُ قُبْلًا قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَمْ وَفَّى عِدَّةُ الْأَنْبِيَاءِ قَالَ مِائَةُ أَلْفٍ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا الرُّسُلُ مِنْ ذَلِكَ ثَلَاثُ مِائَةٍ وَخَمْسَةَ عَشَرَ جَمًّا غَفِيرًا *


ثانيا-أو تكون النفخة من الرسول الروحاني:
فيما أستودع الله فيه من قوى فيخرجها اللهمنه بأمره تعالى ومثال ذلك:
في تفسير بن كثير ج3 ص 459:… عن جعفر بن محمد قال سمعت أبي يقول نظر رسولالله(ص) إلى ملك الموت عند رأس رجل من الأنصار فقال له النبي (ص) ياملك الموت ارفق بصاحبي فأنه مؤمن ……الخ، قال: واللهيا محمد لو أني أردت أن أقبض روح بعوضة ما قدرت على ذلك حتى يكون الله هو الآمر بقبضها.
النتيجة:
 أوكل الله النفخة للروحانيين ليأمر الله بالكلمة فتنفذ عبر الروحاني بنفخها بما أستودع الله فيه من (قوة) ليستخرجها منه بأمره (كالقرآن الكريم فهو كلام الله يستخرج من الروحاني بنفثه بالإيحاء).

مثال:
لكيفية نزول الأمر الآلهي بقول اللهليتم النفخ من الروحانيين(كالروح الأمين)

&- ففي صحيح البخاري: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلَ إِنِّي قَدْ أَحْبَبْتُ فُلَانًا فَأَحِبَّهُ قَالَ فَيُنَادِي فِي السَّمَاءِ ثُمَّ تَنْزِلُ لَهُ الْمَحَبَّةُ فِي أَهْلِ الْأَرْضِ فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا )……..الخ قَالَ أَبمو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ أنتهى

&-ففي كتاب الأولياء ج1 ص 20:
قال:حدثنا عبد الله نا شريح نا روح بن عباده نا حماد عن رجل عن عبد الله بن رباح عن كعب قال أجد في التوراة انه لم تكن محبه لأحد من أهل الأرض حتى يكون بدؤها من الله ينزلها على أهل السماء ثم ينزلها على أهل الأرضولم يكن بغض لأحد من أهل الأرض حتى يكون بدؤها من الله عز وجل ينزلها على اهل السماء ثم ينزلها على أهل الأرض.وقرأ ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا )

&- وفي تفسير بن كثير ج2 ص 147:
لقوله تعالى(وهو الذي خلق السماوات والأرض بالحق ويوم يقول كن فيكون قوله الحق وله الملك يوم ينفخ في الصور …..)الأنعام
-قال "يوم ينفخ في الصور"يعني يوم القيامة الذي يقول الله كن فيكون عن أمره كلمح البصر أو هو أقرب.
-(وله الملك يوم ينفخ في الصور)كقوله(لمن الملك اليوم لله الواحد القهار)انتهى

الشاهد:
1- يوم يقول الله تعالى "كن" بالكلمة يتلقهاالروحاني "اسرافيل" فينفذ أمر الله بنفخهفي الصور وذلك لقيام الساعة"يوم يقول كنفيكون قوله الحق" للكلمة
2- وبقيام الساعة يموت الروحانيون فلا أحد ينفخ ليكون لله الملك بالنـفخ في كونه من جديد ليحيه من بعد موت الملائكة وهذا قوله" وله الملك يوم ينفخ في الصور"
النتيجة:
أوامر النفخة تبدأ بالكلمة من الله بكنلتنفذ عبر الروحاني بالنفخ:
فأوامر الله جميعها تكون بالكلمة لتنفذ عبر كل من :-
- الملائكة المخلوقين بكن ليلقوها أو
- الروحانيون المخلقين بالنفخةلينفخوها

النتيجة:
توحيد الأمر الآلهي ليكون أمره جميعاً بالكلمة للملائكة وللروحانيون (لينفذ أمره بالنفخ أو بالكلمة).

-فالله خالق كل شئ من قبل خلقه (بكلمته وبنفخة) وأوكل علي خزائنه(ملائكة وروحانيين) ليأمرهم بالكلمة لينفخوا أو ليلقوا كلمته، ليستخرج بأمره مما خلق من قبل فيما أستودع.

الشاهد:
قال تعالى"الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل له مقاليد السماوات والأرض) الزمر

-"وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السمآء ماء فأسقيناكموه ومآ أنتم له بخازنين"الحجر(فالرياح من أوامر النفخ وعليها روح )

-"أم عندهم خزآئن رحمة ربك العزيز الوهاب"ص" (فالرحمة من أوامر النفخة وعليها روح)

-"لله الأمر من قبل ومن بعد" أي من قبل خلقه ومن بعد ما خلق"ألا له الخلق والأمر"

الخلاصة:
عناصر خلق البشر :
أنفس مخلوقه بكن
 وأرواح مخلوقه من النفخة 
 "خلقهما الله من قبل و أوكل لخزائنه
- ملائكة مخلوقين  (بكن) ليحملوا كلمة الله ،
- وملائكة روحانيون مخلوقين من (النفخة) لينفخوا من روح الله.
.
الشاهد :
- قال تعالي "وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لآدم فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنْ السَّاجِدِينَ(11)الأعراف
- وقال تعالى:"وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّوَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ "الأنعام

ففي تفسير القرطبي:
قال سعيد بن جبير: قال لي ابن عباس هل تزوجت؟ قلت: لا فقال: إن الله عز وجل يستخرج من ظهرك ما استودعه فيه.
- وروي عن ابن عباس أيضا أن المستقر من خلقوالمستودعمن لم يخلق; ذكره الماوردي.، وعن ابن عباس أيضا: ومستودع عند الله.

الشاهد:
أ- النفس(النسمة)هي المستقر المنقولة بالذرية من ظهر آدم لتكون بالجسد المخلوق بكلمة الله"بكن" قال تعالى" إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدم خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ(59)"آل عمران
ب-والروح هي المستودع عند الله: ليأتي بها الملك لينفخها ليحي النفس في النطفة لتتحد الروح مع النفس.
ففي فتح الباري ج10 ص 417قال:
 خلق أرواح بني آدم عند قوله ألست بربكم لما أخرجهم من صلب آدم عليه السلام مثل الذر.

الشاهد بأن النفس (النسمة) هي المستقر المنقولة بالذرية:
- لقوله"وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْأَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ(172)"الأعراف.
-قال تعالى(جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا يذرؤكم فيه )
ففي المنتظم ج1 ص 215قال… أبي بن كعب في قول الله عز وجل ) وإذ أخذ ربك من بني ادم من ظهورهم ذريتهم قال جمعهم فجعلهم أزواجا ثم صورهم واستنطقهم فتكلموا ثم أخذ عليهم العهد والميثاق ) وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم ( قال فإني أشهد عليكم السموات السبع والأرضين السبع وأشهد عليكم أباكم ادم أن تقولوا يوم القيامة لم نعلم بهذا اعلموا أنه لا إله غيري ولا تشركوا بي شيئا سأرسل إليكم رسلي يذكرونكم عهدي وميثاقي وأنزل عليكم كتبى قالوا شهدنا بأنك ربنا وإلهنا لا رب لنا غيرك ……..إلى قوله ( عيسى ابن مريم ) وكان في تلك الأرواح.

&- وفي تفسير القرطبي :
قيل: إنه سبحانه أخرج الأرواح قبل خلق الأجساد, وإنه جعل فيها من المعرفة ما علمت به ما خاطبها.
قلت: وفي الحديث عن النبي صلى الله عيله وسلم غير هذين القولين, وأنه تعالى أخرجالأشباح فيها الأرواح من ظهر آدم عليه السلام. ..الخ
-وروى الترمذي وصححه عن أبي هريرة:إن رسول الله(ص)قال:"لما خلق الله آدم مسح ظهره فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة…..الحديث
- وروى عبدالله بن عمرو عن النبي (ص)أنه قال: "أخذوا من ظهره كما يؤخذ بالمشط من الرأس". وجعل الله لهم عقولا كنملة سليمان, وأخذ عليهم العهد بأنه ربهم وأن لا إله غيره. فأقروا بذلك والتزموه...الخ
…. قال يحيى قال الحسن: ثم أعادهم في صلب آدم عليه السلام.
النتيجة:
من ظهر آدم خلقت النسمة (مستقر بالذر) والروح (مستودع)
- حيث كانت النشأة لجميع البشر قال تعالى" وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ"الأنعام

1- بكلمة الله كن خلقت نسم 
البشر (النفس)لتكون هي المستقر:

فجعلها الله هي المستقر في ظهر آدم لتنقل بالذر من الآباء لتحيا النسمة بالنفخ فيهابالروح (ليندمجا)ويطلق عليها النفس أو الروح لتتزاوج مع الجسد .

-(وخلقناكم أزواجا(8)وجعلنا نومكم سباتا(9)النبأ(لبيان عناصرالإنسان عند نومه)
- (جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا يذرؤكم فيه )
-(هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)

2-وبأمر الله بالنفخة:خلق أرواح البشر لتكون هي المستودع:
خلق الله تعالى روح آدم بالنفخة وأستودع من تلك النفخة أرواح البشر في المستودع(أي الروح الواحدة التي منها تنفخ الأرواح قال عنها تعالى(روحنا)وذلك لتعدد القوى المتنوعة فيها(فنفخنا فيه من روحنا)ويأتي شرحها.
ففي أضواء البيان ج1 ص 323:
ثبت في الصحيح عنه (ص)أنه قال لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى وقولوا عبد الله ورسوله ، وقوله تعالى وكلمته ألقاها( إلى مريم وروح منه ) ليست لفظة من في هذه الآية للتبعيض كما يزعمه النصارى افتراء على الله ولكن من هنا لابتداء الغاية يعني أن مبدأ ذلك الروح الذي ولد به عيسى حيا من الله تعالى لأنه هو الذي أحياه به ويدل على أن من هنا لابتداء الغاية (وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه) أي كائنا مبدأ ذلك كله منه جل وعلا ويدل لما ذكرنا ما روي عن أبي بن كعب أنه قال خلق الله أرواح بني ادملما أخذ عليهم الميثاق ثم ردها إلى صلب ادم وأمسك عنده روح عيسى عليه الصلاة والسلام فلما أراد خلقه أرسل ذلك الروح إلى مريم فكان منه عيسى عليه السلام.
الخلاصة:عناصر الإنسان خلقها الله من قبل:
1-   نسم(مستقر)
2-  أرواح(مستودع)


فبأمر الكلمة كن:
خلقت النسم من قبل:(لتنقل بالذر بالذرية) ليتم تصويرها بالأرحام،أو يحملها ملك الكلمة أذا لم تكن بالذر لقوله"وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه
-وقال"وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا "آل عمران
-"هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ آل عمران

- وبأمر الله بالنفخ:خلقت الأرواح من قبللينفخ الروحاني بما أستودع الله فيه من أرواح خلقها الله من قبل ليستخرجها بأمره قال تعالى (ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا)، فقوله(أنا رسول ربك).
- ومن المستودع يأتي الملك من السماء لينفخ في النسمة المنقولة بالذر ليحيها.

ففي الصحيح:
 عن عبد الله بن مسعود قال حدثنا رسول الله (ص) وهو الصادق المصدوق إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد ….. الحديث
- وفي الحديث في مسند أحمد: َقالَ حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِ قٍ عَنْ رَجُلٍ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَتَى جُعِلْتَ نَبِيًّا " قَالَ وَادم بَيْنَالرُّوحِ وَالْجَسَدِ

الخلاصة:
الله خالق كل شيء من قبلوله خزائنه وبكلمة "كن" يستخرج الله بما أستودع، فقد أوكل الله النفخ للروحانيين لينفخوا فيما أستودعه فيهم من(روحه) ليستخرجها منهم بأمره بالكلمة.
- فلله الخلق والأمر من قبل ومن بعد ، ليكون أمره من قبل خلقه ومن بعد خلقه قال تعالى( أم عندهم خزآئن ربك أم هم المسيطرون)
وقال رسول الله (ص)"خزائن اللهالكلام , فإذا أراد شيئاً قال له كن فكان".
-(فملائكة الكلمة والروحانيون): يتلقون أوامرالله لينفذوا أمره بالنفخ أوبالألقاء للكلمة

&- أمثلة لأمره بكن:
 ورد بالقرآن الكريم عن خلق النسمة بالكلمة:

-كقوله"وكلمته ألقاها إلى مريم"
 أو كقوله"بكلمة من الله" فالبشري بالكلمة جاءت لزكريا ولمريم لخلق الجسد وتصويره لعيسى وليحي فالله خالق كل شئ من قبل لعناصر البشر، ولله الأمر من قبل ومن بعد لينفذ أمره من بعد خلقه:

أ‌- بالروحانيون بالنفخ
ب: والملائكة بالآلقاء للكلمة)

ملاحظة :
نبي الله إبراهيم لم يبشر بالكلمة كدلالة لوجودها بالذر
-أمثلة:جاءت الألفاظ في القرآن التي تعبر عن أوامر النفخةبقول الله وليست بكلمة الله مثل (كذلك قال ربك هو علي هين) وذلك لمريم وزكريا وإبراهيم (لنفخ الروح وإصلاح المرآة سواء من العقم أو لكبر السن)
-قال رسول الله(ص) "خزائن الله الكلام , فإذا أراد شيئاً قال له كن فكان"

الخلاصة :
"تعرج الروح والملائكة إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنه"المعارج

&-ملائكة النفخة:
الروحاني مخلوق بأمر الله بالنفخ لتنفيذ أمر الله بالنفخ.
(ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجهافنفخنا فيه من روحنا) التحريم

&- ملائكة الكلمة:
مخلقون بأمر الله بالكلمة"كن" ليلقوا كلمة الله .
"فالنسمة مخلوقة بكن" فإن لم تكن في الذر منقولة ألقتها الملائكة كعيسى قال تعالى(وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه)
ويحي قال تعالى(مصدقا بكلمة من الله).

السؤال:
من أين جاءت الكلمة التيألقيت إلى مريم في قوله تعالى (وكلمته ألقاها إلى مريم)
 فمن المفترض يكون هناك ملك"مخلوق بكن"ليحمل كلمة الله ليلقيها في مريم حيثثبت بأن هناك ملك روحاني وهو"روح القدس"ووظيفته نفخ الروح وليس آلقاء كلمةالله(فالروح لا يلقي الروح كما قال الرسول(ص))فمن أين آتت (النسمة) .

الجواب: 
الله خالق كل شئ من قبل ولله الأمر من قبل ومن بعد فقد أرسل الله تعالى"روح القدس شديد القوى"ذو مرة " إلى مريم لينفخ في رحمها:
1- نفخة الإحياء
 2- نفخة التأييد لعيسى

أولا نفخة الأحياء:
قال تعالى"واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا فاتخذت من دونهم حجابا فأرسلنآ إليهآ روحنا فتمثل لها بشرا سويا قالت إني أعوذ بالرحم ن منك إن كنت تقيا قال إنمآ أنا رسول ربك لأهب لك غلامازكيا قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا قال كذلك قال ربك هو علي هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمرا مقضيا)

-ففي تفسير الطبري ج 14ص 177:
عن بن عباس قال :قال رسول الله (ص) سيدة نساء العالمين مريم ثم فاطمة ثم خديجة ثم أسية" وقد خص الله مريم بما لم يؤته أحدا من النساء وذلك أن روح القدس كلمها وظهر لها ونفخ في درعها و دنا منها للنفخة فليس هذا لأحد من النساءوصدقت بكلمات ربها).

ثانياً :نفخة التأييد:
"إذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِتُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنْ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِيفَتَنفُخُ فِيهَافَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَبِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ(110)المائدة

الشاهد:
أعطي الله لعيسى بعض الآيات المؤيدة لدعوته ليأمر عيسى بالكلمه بأمر"كن"وبنفخة للروح ولهذا قال الرسول(ص)عن عيسى إنه كلمة الله وروح منه:

1-الحق في الأمر بالكلمة
ليكون له الأمر بكلمه الله"وَإِذْ تَخْلُقُ مِنْ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِبِإِذْنِي"لخلق جسد طير فقط وليس خلق جسد إنسان(فهي أعمال خاصة بالرببية)

2- الحق بالنفخ "للروح:
ليكون له الأمر بالنفخ"فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي" لأحياء الطير بالروح وأيضا بالنفخ لاحياء الموتى)
ولكن ما هي الضرورة لنزول روح القدس من السماء للنفخ في مريم
بمعنى هل النفخة المؤيدة كانت السبب لنزول روح القدس إلى الأرض لينفخها؟
- أم هي نفخة الأحياء بالروح لجسد عيسى هي التي كانت سبب لنزول روح القدس إلى الأرض وهناك الخلائق اليومية ينفخ فيها للإحياء ؟

في مسند أحمد ج5 ص 215 قال:
حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ أَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الْخَطْمِيُّ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ أَبَاهُ قَالَ رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنِّي أَسْجُدُ عَلَى جَبْهَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ الرُّوحَ لَا يَلْقَى الرُّوحَ وَأَقْنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ هَكَذَا فَوَضَعَ جَبْهَتَهُ عَلَى جَبْهَةِ النَّبِيِّ (ص) *

الخلاصة:
-   كلمة الله تلقى.
-  أما النفخة التي ينفخها الروح لا يلقى بها من السماء فالروح لا يلقى الروح التي نفخها أو نفثها،فكيف تتنزل الروح المنفوخة إلى الأرض؟

الشاهدعلى نزول الروحانيين: قال تعالى"وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين"
&- في تفسير بن كثير ج3 ص 131: قال الإمام أحمد حدثنا يعلى ووكيع قالا حدثنا عمر بن ذر عن أبيه عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال قال رسول الله (ص) لجبرائيلما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا قال فنزلت(وما نتنزل إلا بأمر ربك )إخرجه البخاري

قال تعالى عن التنزيل للأمر:
 قال تعالى"اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنْ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ….(12)الطلاق
أما عن كيفية التنزيل:
- قوله"رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ."
-وقوله"يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ…"الآية
- " تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ"
&- في تفسير مجاهد :قال عبد الرحمن ثنا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن أبي نجيح عن مجاهد( ينزل الملائكة بالروح من أمره ) قال لا ينزل ملك إلا معه روح.

&- ففي فتح الباري ج8 ص 402 :
روى بن إسحاق في تفسيره بإسناد صحيح عن بن عباس قال الروح من الله وخلق من خلق الله وصور كبني ادم لا ينزل ملك إلا ومعه واحد من الروح وثبت عن بن عباس أنه كان لا يفسر الروح أي لا يعين المراد به في الآية وقال الخطابي حكوا في المراد بالروح في الآية أقوالا قيل سألوه عن جبريل وقيل عن ملك له ألسنة وقال الأكثر سألوه عن الروح التي تكون بها الحياة في الجسد.

&-في القرطبي ج10 ص 67:
قرأ المفضل عن عاصم تنزل الملائكة والأصل تتنزل الملائكةفالفعل مسند إلى الملائكة وقرأ الكسائي عن أبي بكر عن عاصم باختلاف عنه والأعمش تنزل الملائكة غير مسمى الفاعلوقرأ الجعفي عن أبي بكر عن عاصم تنزل الملائكة بالنون مسمى الفاعل الباقون ينزل بالياء مسمى الفاعل والضمير فيه لاسم اللهعز وجل وروي عن قتادة تنزل الملائكة بالنون والتخفيف وقرأ الأعمش تنزل بفتح التاء وكسر الزاي من النزول الملائكة رفعا مثل تنزل الملائكة ( بالروح ) أي بالوحي وهو النبوة قاله بن عباس نظيره يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده الربيع بن أنس بكلام الله وهو القرآن وقيل هو بيان الحق الذي يجب إتباعه وقيل أرواح الخلق قالهمجاهد لا ينزل ملك إلا ومعه روح وكذا روي عن بن عباس أن الروح خلق من خلق الله عز وجل كصور بن آدم لا ينزل من السماء ملك إلا ومعه واحد منهم وقيل بالرحمة قاله الحسن وقتادة وقيل بالهداية لأنها تحيا بها القلوب كما تحيا بالأرواح الأبدان وهو معنى قول الزجاج قال الزجاج الروح ما كان فيه من أمر الله حياة بالإرشاد إلى أمره وقال أبو عبيدة الروح هنا جبريل والباء في قولهبالروح بمعنى مع كقولك خرج بثيابه أي مع ثيابه(من أمره ) أي بأمره ( على من يشاء من عباده )
&-الزهد لأبن مبارك ج ص 436:عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي قال أمر علي بالسواك وقال قال رسول الله (ص) أن العبد إذا تسوك ثم قام يصلي قام الملك خلفه يستمع القرآن فلا يزال عجبه بالقرآن يدنيه منه حتى يضع فاه على فيه فما يخرج من فيه شيء من القرآن إلا صار في جوف الملك فطهروا أفواهكم
الخلاصة:
قوله تعالى" تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ(4)القدر.
- في تفسير القرطبي ج20 ص 137: قال إبن عباس قال النبي (ص) ( إذا كان ليلة القدرتنزل الملائكة الذين هم سكان سدرة المنتهى منهم جبريل ومعهم ألوية ينصب منها لواء على قبري ولواء على بيت المقدس ولواء على المسجد الحرام ولواء على طور سيناء ولا تدع فيها مؤمنا ولا مؤمنة إلا تسلم عليه إلا مدمن الخمر وآكل الخنزير والمتضمخ بالزعفران.
- وفي قوله تعالى تنزل الملائكة ( والروح فيها بإذن ربهم ) أي جبريل عليه السلام وحكى القشيري أن الروح صنف من الملائكة جعلوا حفظة على سائرهم وأن الملائكة لا يرونهم كما لا نرى نحن الملائكة وقال مقاتل هم أشرف الملائكة وأقربهم من الله تعالى وقيل إنهم جند من جند الله عز وجل من غير الملائكة رواه مجاهد عن إبن عباس مرفوعا ذكره الماوردي …الخ

- في تفسير الطبري قال: حدثني علي قال ثنا عبد الله بن صالح قال ثني أبو مروان يزيد بن سمرة صاحب قيسارية عمن حدثه عن علي بن أبي طالب أنه قال في قوله ويسئلونك عن الروح: قال هو ملك من الملائكة له سبعون ألف وجه لكل وجه منها سبعون ألف لسان لكل لسان منها سبعون ألف لغة يسبح الله عز وجل بتلك اللغات كلها يخلق الله من كل تسبيحة ملكا يطير مع الملائكة إلى يوم القيامة
-وفي تفسيره لقوله "يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن في الكلام وقال صوابا روى بن عباس عن النبي(ص)أنه قال :
( الروح في هذه الآية جند من جنود اللهتعالى ليسوا ملائكة لهم رؤوس وأيد وأرجل يأكلون الطعام( ثم قرأ يوم يقوم الروح والملائكة صفا فإن هؤلاء جندوهؤلاء جندوهذا قول أبي صالح ومجاهد وعلى هذا هم خلق على صورة بني آدم كالناس وليسوا بناس الرابع أنهم أشراف الملائكة قاله مقاتل بن حيان الخامس أنهم حفظة على الملائكة قال بن أبي نجيح السادس أنهم بنو آدم قاله الحسن وقتادة فالمعنى ذوو الروح وقال العوفي والقرظي هذا مما كان يكتمه بن عباس قال الروح خلق من خلق الله على صور بني آدم وما نزل ملك من السماء إلا ومعه واحد من الروح السابع أرواح بني آدم تقوم صفا فتقوم الملائكة صفاوذلك بين النفختين قبل أن ترد إلى الأجساد.

النتيجة:
نزول الروحانيين متلبسين بأجسادملائكة  الكلمة
فالروح لا يلقى الروح التي نفخها وأنما تتنزل الروح المنفوخة بأجساد ملائكة الكلمة لتتنزل الروح بها قال تعالى "تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُوَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ"

الشاهد: 
قال تعالى "قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنْ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا"الأسراء
- وقال:وَقَالُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَامَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنظَرُونَ"الأنعام

وقال"لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين ما ننزل الملائكة إلا بالحق وما كانوا إذا منظرين"الحجر
- وقال "يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِي"النحل
-وقال"تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ"المعارج (مساواة التوقيت لوحدتهم)

الخلاصة يتنزل الروحاني متلبس بأبدان ملائكة الكلمة وملائكة الكلمة لاينزلون إلا بالروحانيون.

الشاهد: الرسول الكريم "روح القدس"الذي ينفث كلام الله وهو الذي ينفخ أنواع الأرواح المتعددة بأمر ربه: قال تعالى"… فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا)…قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ….."مريم (وهو في السماء السابعة)
- كنفثه لكلام الله المباشر كحديث المصطفي (ص)"أن روح القدس نفث في روعي…"
- كنفخته للروح لجسد عيسى المخلوق من الكلمة .
- وكنفخة بالتأييد لعيسى لأكسابه القوة بالوصال في أحياءه للطير بالنفخة المؤيدة
كنفخة للروحانيين كالروح الأمين "وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين"

النتيجة:
روح القدس هو الذي ينفث كلام اللهالمباشر وينفخ الأرواح المتنوعة والمتعددةفهو شديد القوى ذو مرة بالوصال مع اللهلتتنزل الأرواح المنفوخة منه بواسطة ملائكة الكلمة التي تحتويها لتلقى بأمر الله في التنزيل قال تعالى"رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِيُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ."

الشاهد:
روح القدس هو الرسول الكريم المخلوق بأمر النفخة ليقوم بنفث كلام الله ،حيث يتلقى كلام الله وقول اللهوأمره لينـفثه من خلاله، فهو الوسيط في كلام الله المباشر مع خلقه بالإيحاءفهو شديد القوى (ذو مرة لوصاله بالله تعالى)وهو بالأفق الأعلى فهو صاحب النفث لكلام الله لقوله (ص):إن روح القدس نفث في روعي…الحديث

- ففي قوله تعالى" إنه لقول رسول كريم وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون تنزيل من رب العالمين.

الشاهد 
بأن الرسول الكريم هو روح القدس وليس نبينا المصطفى (ص) ولا جبريل
1- لقد نكر الله تعالى قول المشركين "ان هذا إلا قول البشر سأصليه سقر" ولا يعترض بقوله تعالى "انه لقولرسول كريم "فنبينا(ص) بشر وهو مبلغ وليس هو صاحب القول في قوله تعالى " انه لقول رسول كريم " فنبينا المصطفى(ص) مبلغ أمين بما أنزل عليه من قول قال تعالى: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته واللهيعصمك من الناس)بالإضافة بأن الآية تقول أن المصطفي (ص) قد رآى الرسول الكريم صاحب القول عند سدرة المنتهى
2-  كذلك فرق الله تعالى بين القول"للرسول الكريم"وبين التنزيل لهذا القول في قوله (إنه لقول رسول كريم وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون ولا بقول كاهن قليلا ما تذكر ونتنزيل من رب العالمين)
ففي التنزيل لهذا القول (المذكور بنفس الآية)قال تعالى"وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين"، فجبريل هو المكلف بالتنزيللهذا القول فليس جبريل هو صاحب القول في قوله" انه قول رسول كريم"

النتيجة:
جبريل عليه السلام ونبينا (ص) مبلغين وليس هم أصحاب القول في الآية "أنه لقول رسول كريم" فروح القدس هو الرسول الكريم الذي ينفث كلام الله المباشر بقوله بالإيحاء المجرد أما جبريل عليه السلام ونبينا المصطفى (ص)فهم مبلغين للقول الذي أنزل عليهم قال تعالى"وما على الرسول إلا البلاغ" فهم الأمناء على ما أنزل عليهم ليبلغوه،والأمين يكون على ما أستودع والكريم لمن يعطى.

النتيجة:
الإيحاء نفث من الروح ( والنفث من أوامر النفخة) فكلام الله يتم تحويله بالإيحاء بالنفث عبر روح القدس وفي التنزيل مهمة جبريل عليه السلام.
النتيجة:
أوامر الكلمة تلقي وأوامر النفخة تنفخ ولا تلقى "فالروح لا يلقي الروح"

- ولكن الله يلقي من أمره بالروحاني بواسطة ملائكة الكلمة التي يحملون الروحانيين التي تتلبس في أجسادهم.

الخلاصة:
كان لنزول الروح إلى مريم عدة أسباب:
أولاًالنفخ في رحم مريم للإحياء الكلمة التي يتكون منها جسد عيسى لأحياءها بنفخة.

ثانياَ:ألقاء كلمة الله في مريم بواسطة جسد الملك الذي يلبسه روح القدس المتنزل بهفالروح لايلقي الروح لقوله"قال إنمآ أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا قال كذلك قال ربك هو علي هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمرا مقضيا)

الشاهد:
العمل جميعا موكل لروح القدس لقوله"لأهب لك غلاما زكيا" سواء كان بالنفخ للروح أو بألقاء كلمة الله بواسطة جسد الملك.
- فأمر الكلمة يكون"بكن" لخلق الجسد وذلك ما قاله الروح في الآية الكريمة "وكانأمرا مقضيا " فالأمر المقضي يكون بكن لقوله تعالى"… فَإِذَا قَضَىأَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ(68)غافر،"فالأمرالمقضي هو أمر الكلمة بكن وهوالخاص بخلق الجسد ولأن الروح لايلقى الروح فهو ينفخ فقط فروح القدس أيضا لايلقى الكلمة إلا بالإستعانة بواسطه الملك المتلبس بجسده.
النتيجة : 
يتلبس الروحاني بجسد ملك الكلمة ليجعله يتلقى كلمات الله بكن من خلال الجسد المتلبس فيه الروحاني، فقد قال تعالى عن الأمر لقيام الساعة"يوم يقول كن"فالروحاني تلقى الكلمة بكن ليقوم بالنفخ في  الصور (لينفخ فيه) للدلاله على وجود الجسد المتلبس فيه الروحاني ليتلقى كلمات الله بكن.

ثالثاَ:النفخ في مريم بنفخة التأييد:
لإكساب عيسى عليه السلام نفخة مباشرة من الروح ليكون مؤيد بالوصال المباشر بروح القدس لتكتمل معجزة عيسى :
1-لتكون كلمة الله على لسانه ليلقيها عيسى "بكن" كتصويره للطين وبأمر الكلمة "كن" يخلق جسد الطير من بعد تصويره بأذن الله قال تعالى" أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنْ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ"آل عمران "
2-وروح منه بنفخة التأييد المباشرة بالروح ذات الوصال بالله القدوس (لينفخ عيسى ليحي الطير فقال تعالى "… َتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي)
النتيجة :
عيسى كلمة الله وروحه :- ففي صحيح مسلم ص 187قال: يجمع الله تبارك وتعالى الناس فيقوم المؤمنون حتى تزلف لهم الجنة فيأتون آدم فيقولون يا أبانا استفتح لنا الجنة فيقول وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم آدم لست بصاحب ذلك اذهبوا إلى ابني إبراهيم خليل الله قال فيقول إبراهيم لست بصاحب ذلك إنما كنت خليلا من وراء وراء اعمدوا إلى موسى (ص)الذي كلمه الله تكليما فيأتون موسى (ص)فيقول لست بصاحب ذلك اذهبوا إلى عيسى كلمةالله وروحه فيقول عيسى(ص)لست بصاحب ذلك فيأتون محمدا(ص)فيقوم فيؤذن له وترسل الأمانة والرحم فتقومان جنبتي الصراط يمينا وشمالا فيمر أولكم كالبرق قال قلت بأبي أنت وأمي أي شيء كمر البرق قال ألم تروا إلى البرق كيف يمر ويرجع في طرفة عين ثم كمر الريح ثم كمر الطير وشد الرجال تجري بهم أعمالهم ونبيكم قائم على الصراط يقول رب سلم سلم حتى تعجز أعمال العباد حتى يجيء الرجل فلا يستطيع السير إلا زحفا قال وفي حافتي الصراط كلاليب معلقة مأمورة بأخذ من أمرت به فمخدوش ناج ومكدوس في النار والذي نفس أبي هريرة بيده إن قعر جهنم لسبعون خريفا.أنتهي
-معني أن عيسى كلمة الله وروحه :
في أضواء البيان ج2 ص55: لقوله( لعن الذين كفروا من بنى إسراءيل على لسان داود وعيسى ابن مريم)
قال بعض العلماء "الذين لعنوا على لسان داود الذين اعتدوا في السبت والذين لعنوا على لسان عيسى ابن مريم هم الذين كفروا من أهل المائدة وعليه فلعن الأولين مسخهم قردة كما بينه تعالى بقوله ( ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم فى السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين ) وقوله ( فلما عتوا عن ما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين ) ولعن الآخرين هو المذكور في قوله ( فمن يكفر بعد منكم فإنى أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين) وذكر غير واحد أنه مسخهم خنازير وهذا القول مروي عن الحسن وقتادة ومجاهد والباقر نقله الألوسي في تفسيره وقال واختاره غير واحد ونقله القرطبي عن ابن عباس وقتادة ومجاهد وأبي مالك وذكر أنه روي عن النبي (ص) (أنتهى)
-أما روحهفالنفخه المؤيدة لعيسى(روح القدس) كانت من نفخة الروح وهي التي تنفخ الأرواح فهي شديدة القوى ذو مرة (بالوصال بالله ) والروح مخلوقه بأوامر النفخة من الله السبوح القدوس وبالنفخة المؤيدة بالروح لعيسى ينفخ عيسى ليحي الطير بنفخه في الطين من بعد تصويره( بأذن اللهوليس لخلق أنسان من الطين ) ويحي الموتى ..الخ
ومهمة الروح :أن ينفث وأن ينفخ الأرواح بأمر من الله، كنفخته بالتأييد لعيسى للوصال المباشر بروح القدس للتأييد بالقوى، أو كنفخة لأرواح البشر"كروح عيسى" أو كنفخة لأرواح الحيوان كنفخه في عيسى لخلق الطير بالـتأيييد بالوصال للروح أو كنفخة بالروحانيين (كالروح الأمين في التنزيل …الخ حيث تتنزل تلك الأرواح المنفوخة بأمر ربها للإيحاء أو للنفخ بألقاءها بواسطة ملائكة الكلمة ) فضلا عن ذلك فإن روح القدس هو المختص بالإيحاء المجرد لكلام الله المباشر أو كمرآه لكلامه مع خلقه كحديث المصطفي (ص)"أن روح القدس نفث في روعي …"
الشاهد :- قال تعالى" وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحىعلمه شديد القوى ذو مرة فاستوي وهو بالا فق الأعلى ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده مآ أوحى ما كذب الفؤاد ما رأى أفتمارونه على ما يرى ولقد رءاه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى إذ يغشى السدرة ما يغشى ما زاغ البصر وما طغى.. "
- قال تعالى" وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحى علمه شديد القوى ذو مرة فاستوي وهو بالا فق الأعلى ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده مآ أوحى ما كذب الفؤاد ما رأى أفتمارونه على ما يرى ولقد رءاه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى إذ يغشى السدرة ما يغشى ما زاغ البصر وما طغى.. "
في قوله تعالى"إنه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين وما صاحبكم بمجنون ولقد رآه بالأفق المبين وما هو على الغيب بضنين وما هو بقول شيطان رجيم فأين تذهبون .)
النتيجة:
الروح واحدة وهي شديدة القوى المتعددة ذو مرة بالوصال مع الله فهي مخلوقة بأمر اللهبالنفخ لتنفخ الأرواح كالروحانيين للتنزيل وأرواح البشر والحيوان وأروح التأييد والإيحاء والنفث لكلام الله المباشر(كمرآة )ومن خلال الجسد المتلبسه فيه تستقبل أوامر اللهبالكلمة
- عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (ص) يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ

الخلاصة:
"في فتح الباري ج2 ص 402: في رواية العوفي عن بن عباس عند الطبري فقالوا أخبرنا عن الروح قال بن التين اختلف الناس في المراد بالروح المسئول عنه في هذا الخبر على أقوال الأول روح الإنسانالثاني روح الحيوان الثالث جبريل الرابععيسى الخامس القرآن السادس الوحيالسابع ملك يقوم وحده صفا يوم القيامةالثامن ملك له أحد عشر ألف جناح ووجه وقيل ملك له سبعون ألف لسان وقيل له سبعون ألف وجه في كل وجه سبعون ألف لسان لكل لسان ألف لغة يسبح الله تعالى يخلق الله بكل تسبيحة ملكا يطير مع الملائكة وقيل ملك رجلاه في الأرض السفلى ورأسه عند قائمة العرش التاسعخلق كخلق بني آدم يقال لهم الروح يأكلون ويشربون لا ينزل ملك من السماء إلا نزل معه وقيل بل هم صنف من الملائكة يأكلون ويشربون( انتهى كلامه)
عند القرطبي ج10 ص 324:
روى البخاري ومسلم والترمذي عن عبد اللهقال بينا أنا مع النبي (ص) في حرث وهو متكى ء على عسيب إذ مر اليهود فقال بعضهم لبعض سلوه عن الروح فقال ما رابكم إليه وقال بعضهم لا يستقبلكم بشيء تكرهونه فقالوا سلوه فسألوه عن الروح فأمسك النبي (ص) فلم يرد عليهم شيئا فعلمت أنه يوحى إليه فقمت مقامي فلما نزل الوحي قال ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا لفظ البخاري
وفي مسلم فأسكت النبي (ص) وفيه وما أوتوا وقد اختلف الناس في الروح المسئول عنه أي الروح هو فقيل هو جبريل قاله قتادة قال وكان بن عباس يكتمه وقيل هو عيسى وقيل القرآن على ما يأتي بيانه في آخر الشورى وقال علي بن أبي طالبt هو ملك من الملائكة له سبعون ألف وجه في كل وجه سبعون ألف لسان في كل لسان سبعون ألف لغة يسبح الله تعالى بكل تلك اللغات يخلق الله تعالى من كل تسبيحة ملكا يطير مع الملائكة إلى يوم القيامة ذكره الطبري قال بن عطية وما أظن القول يصح عن علي رضي الله عنه قلت أسند البيهقيأخبرنا أبو زكريا عن أبي إسحاق أخبرنا أبو الحسن الطرائفي حدثنا عثمان بن سعيد حدثنا عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله ويسألونك عن الروح يقول الروح ملك وبإسناده عن معاوية بن صالح حدثني أبو هران بكسر الهاء يزيد بن سمرة عمن حدثه عن علي بن أبي طالبt أنه قال في قوله تعالى ويسئلونك عن الروح قال هو ملك من الملائكة له سبعون ألف وجه الحديث بلفظه ومعناه وروى عطاء عن بن عباس قال الروح ملك له أحد عشر ألف جناح وألف وجه يسبحالله إلى يوم القيامة ذكره النحاس وعنه جند من جنود الله لهم أيد وأرجل يأكلون الطعام ذكره الغزنوي وقال الخطابي وقال بعضهم هو ملك من الملائكة بصفة وضعوها من عظم الخلقة.
النتيجة :ففي التفسير: قال الإمام أحمد 1422 حدثنا مالك بن مغول حدثنا الزبير بن عدي عن طلحة عن مرة عن عبد الله هو بن مسعود قال لما أسري برسول الله (ص) أنتهي به إلى سدرة المنتهى وهي في السماء السابعة إليها ينتهي ما يعرج به من الأرض فيقبض منها وإليها ينتهي ما يهبط به من فوقها فيقبض منها ( إذ يغشى السدرة ما يغشى ) قال فراش من ذهب قال وأعطي رسول الله (ص) ثلاثا أعطي الصلوات الخمس وأعطي خواتيم سورة البقرة وغفر لمن لا يشرك بالله شيئا من أمته المقحمات انفرد به مسلم وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع عن أبي العالية عن أبي هريرة أو غيره شك أبو جعفر قال لما أسري برسول الله (ص) أنتهي إلى السدرة فقيل له إن هذه السدرة فغشيها نور الخلاق وغشيتها الملائكة مثل الغربان حين يقعن على الشجر قال فكلمه عند ذلك فقال له سل ،وقال بن أبي نجيح عن مجاهد ( إذ يغشى السدرة ما يغشى ) قال كان أغصان السدرة لؤلؤا وياقوتا وزبرجدا فرآها محمد (ص) ورأى ربه بقلبه وقال بن زيد قيل يا رسول الله أي شيء رأيت يغشى تلك السدرة قال رأيت يغشاها فراش من ذهب ورأيت على كل ورقة من ورقها ملكا قائما يسبح الله عز وجل وقوله تعالى ( ما زاغ البصر وما طغى )

الخلاصة:
في دقائق التفسيرج1 ص 326:ذكر الإمام أحمد في كتاب الرد على الجهمية وذكره غيره أن النصارى الحلولية والجهمية المعطلة اعترضوا على أهل السنة فقالت النصارى القرآن كلام الله غير مخلوق والمسيح كلمة الله فهو غير مخلوق وقالت الجهمية المسيح كلمة الله وهو مخلوق والقرآن كلام الله فيكون مخلوقا،وأجاب أحمد وغيره بأن المسيح نفسه ليس هو كلاما فإن المسيح إنسان وبشر مولود من امرأة وكلامالله ليس بإنسان ولا بشر ولا مولود من امرأة ولكن المسيح خلق بالكلام وأما القرآن فهو نفسه كلام الله فأين هذا من هذا .
- عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال قال رسول الله (ص) ( من شهد ألا إله إلا اللهوحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه والجنة والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل ) متفق عليه
النتيجة:-
 قال تعالى يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا"171النساء

من كتاب
كتاب إجلاء الغمة من فكر الأمة
بقلم/محمد مجدي رياض
(أبو عبدالله)
- قال تعالى "أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَد ُفَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ"16الحديد
-قال تعالى" أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين(22) الزم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق